في ظل الاستياء العارم الذي عمّ الوسط التعليمي بعد وفاة الأستاذة هاجر، نتيجة اعتداء دموي نفذه أحد المتدربين بمدينة أرفود، تتصاعد الأصوات المطالبة بمراجعة عميقة لشروط الولوج إلى مؤسسات التكوين المهني، وتوفير الحماية الجسدية والنفسية للأطر التربوية، خصوصًا النساء منهن، في مواجهة تصاعد وتيرة العنف والانحراف داخل فضاءات التعليم وخارجها.
وفي تصريح مؤثر لإحدى زميلات الراحلة، شددت على أن ما تعرضت له الأستاذة هاجر ليس حالة معزولة، بل يعكس واقعًا مقلقًا يتعرض فيه نساء ورجال التعليم للعنف اللفظي والجسدي بشكل متزايد، داخل المؤسسات التكوينية والتعليمية، وأحيانًا حتى في الفضاءات العامة.
وأوضحت أن الكثير من الأستاذات يعشن تحت ضغط نظرة اجتماعية ذكورية تُمارَس عليهن داخل محيط العمل، سواء من بعض التلاميذ أو من المسؤولين والزملاء، مضيفة أن هناك شكاوى كثيرة تصل إلى النقابات من أستاذات يشتكين من “الوصاية والتقليل من الكفاءة” فقط لكونهن نساء.
وأكدت المتحدثة أن هذا الواقع الذكوري ينعكس على تعامل بعض التلاميذ مع الأستاذات، حيث لا يتم النظر إليهن كحاملات للمعرفة أو مربيات، بل كنساء فقط، ما يسهل، في نظر البعض، تبرير التجاوزات في حقهن، سواء تعلق الأمر بالتحرش أو بالإهانة أو حتى الاعتداء الجسدي، كما حصل في حالة الأستاذة هاجر التي سبق أن تعرضت للتحرش من طرف المتدرب نفسه، قبل أن ينتهي الأمر بجريمة قتل علنية في الشارع.
ودعت زميلة الأستاذة الراحلة إلى إدراج تقييم نفسي صارم في مساطر التسجيل والولوج إلى مراكز التكوين المهني، معتبرة أن اختلاط الفئات، دون معايير تربوية واضحة، يزيد من منسوب العنف داخل الفصول الدراسية.
كما حمّلت المسؤولية للدولة ووزارة التربية الوطنية ووزارة الإدماج الاقتصادي والتكوين المهني، معتبرة أن ما يقع في المؤسسات هو نتيجة مباشرة لفشل السياسات العمومية في مواجهة الفقر والهشاشة وانتشار المخدرات، وهو ما يجعل المدرسة والشارع معًا بيئتين غير آمنتين للأستاذ والتلميذ معًا.
وفي ذات السياق، انتقدت المتحدثة ضعف آليات الحماية داخل المؤسسات التعليمية، سواء على مستوى المذكرات الوزارية أو التدابير الوقائية، مشيرة إلى أن الخطر لا يأتي فقط من التلاميذ، بل من غياب بنيات قادرة على حماية الأطر التربوية من التهديدات التي تتربص بهم داخل أسوار المؤسسات أو في محيطها المباشر.
وفي ختام حديثها، طالبت بإجراءات استعجالية تضمن السلامة الجسدية والمعنوية لنساء ورجال التعليم، داعية إلى اعتبار ما جرى للأستاذة هاجر جريمة رمزية تمس كل العاملين في قطاع التعليم، وتستوجب ردًا حاسمًا ومراجعة شاملة تضع الكرامة والحماية في صلب الإصلاحات المنتظرة.