قال محمد المرضي، المعروف بـ“الروبيو”، بائع الجرائد والكتب المخضرم، إن أزمة ثقافية عميقة تعصف بالمجتمع المغربي في تصريح مثير للاهتمام.
بنبرة ممزوجة بالأسى والحسرة، يستعرض الروبيو تراجع ثقافة القراءة في المغرب خلال العقود الأخيرة.
“كنا غاديين مزيان قبل الثمانينات… الناس كانوا كيهضروا على القراية، كانوا كيهضروا بالكتاب،” يقول الروبيو متذكراً حقبة ذهبية للقراءة في المغرب.
ويشير إلى أن الهجرة الجماعية من القرى إلى المدن، التي وصفها بـ”الهجرة البدوية”، كانت نقطة تحول سلبية في المشهد الثقافي.
ويلقي الروبيو باللوم على غياب دور الأسرة في تنمية حب القراءة، مشيراً إلى أن المدرسة وحدها لا يمكنها تحقيق هذه المهمة. “الولد كيكون في المدرسة، كنتكلوا على المدرسة باش تقريه… ولكن فين هما الوالدين اللي غيكملوا المسار؟” يتساءل بحرقة.
ينتقد الروبيو بشدة ظاهرة المدارس الخصوصية، واصفاً إياها بـ”مشروع الأمهات” الذي أصبح موضة اجتماعية ووسيلة للتفاخر أكثر منه مؤسسة تعليمية حقيقية. “بدينا كنشهروا شحال باش كيقراوا ولادنا، ولكن ما كنشهروش شنو كيقريوا ولادنا،” يقول محللاً الظاهرة.
ويضيف بنبرة ساخرة: “المدرسة اللي كنشهروها على الأقل تكون فيها خزانة ديال الكتب… هي ما عندهاش كتب، حتى الورقة اللي كتستعمل كنشري احنا باش تستعملها هي.”
يعرج الروبيو على غياب الفضاءات المناسبة لمناقشة الكتب والأفكار، مستنكراً واقع معارض الكتب التي تحولت إلى أماكن للترفيه واستهلاك الطعام أكثر منها فضاءات للثقافة والمعرفة. “غادي نمشي لمعرض الكتاب باش نمشي نجلس في القهوة ونشرب قهوة ندير كسكروط… باقي ما حيدناش الجوع اللي فينا،” يتحسر.
ينتقد أيضاً الكتب الرائجة حالياً والتي يصفها بالسطحية مثل: “كيف تصبح مليونير في ستة أيام” و”كيف تؤثر على الآخرين”، مشدداً على أن بناء مجتمع القراءة يتطلب “خدمة كبيرة” وليس وصفات سريعة.
ويختم الروبيو تحليله بإشارة إلى أزمة السكن التي تفاقم المشكلة: “واش عندنا فين ندير كتاب؟” متسائلاً عن إمكانية اقتناء وتخزين الكتب في ظل ضيق المساكن.