شهد معرض الرباط الدولي للكتاب دورة استثنائية هذا العام باختيار إمارة الشارقة ضيف شرف، في خطوة تعكس عمق العلاقات الثقافية والروحية التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بالمملكة المغربية، وتؤكد على وحدة الامتداد الحضاري بين المشرق والمغرب.
وفي كلمته الافتتاحية، عبّر أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، عن رمزية هذا اللقاء الثقافي قائلاً: “اليوم تلتقي ثقافة المشرق بثقافة المغرب في لقاء أخوي وتاريخي، يعيدنا إلى ذكرى زيارة ابن بطوطة إلى خُورفكان وكلباء، ويجسّد عمق العلاقات التي تربط بين الشعبين الشقيقين”. وأوضح العامري أن مشاركة الشارقة تأتي عبر وفد ثقافي يضم 18 مؤسسة إماراتية، تُقدّم أكثر من 52 فعالية ثقافية وفكرية متنوعة، تشمل الأدب، والفن، والموسيقى، والكتاب، والشعر، وكتب الأطفال.
وأضاف: “لا تقتصر هذه المشاركة على البعد الرمزي لضيافة الشارقة، بل هي بداية لمسار طويل من التعاون الثقافي المستمر، من خلال برامج نوعية ومبتكرة تعزز روابط التقارب والتفاهم بين الشعبين، وتكرّس البعد الإنساني المشترك عبر الثقافة”.
من جهتها، عبّرت الكاتبة والشاعرة الإماراتية شيخة المطيري عن سعادتها بالحضور وسط هذا الزخم الثقافي المغربي، قائلة: “ما نلمسه من اهتمام الإنسان المغربي بالتاريخ والحضارة وبطرح الأسئلة الجوهرية، هو ما نحتاجه نحن أيضًا لنوصل صوت الثقافة الإماراتية والإبداع الفكري للشارقة”. وأكدت المطيري أن مشاركة الشارقة لا تقتصر على عرض الكتب والمخطوطات، بل تشمل تقديم صورة متكاملة عن التراث الإماراتي، من خلال الزي التقليدي والعادات الاجتماعية، مما يخلق فضاءً تواصليًا غنيًا بين الثقافتين.
أما عبد الله هدي شيخي، أحد المشاركين في الوفد الثقافي، فقد اعتبر أن هذه المشاركة “تجسيد حقيقي للامتداد الروحي والحضاري من الخليج إلى المحيط”، مضيفًا: “بالأمس كانت المغرب ضيف شرف في معرض الشارقة، واليوم تحل الشارقة ضيفًا على الرباط، وهذا التبادل يكرس وحدة هذه الأمة التي تجمعها دار واحدة هي دار الثقافة”.
وأردف: “نحن أمة تقرأ، ولسنا أمة لا تقرأ كما يُشاع. الدليل حاضر أمامنا في هذا المعرض؛ هذه العقول النيّرة، هذا التزاحم حول الكتاب، وهذه الابتسامات التي تعكس فهماً عميقاً لقيم التلاقي العربي والإنساني تحت مظلة الفكر والمعرفة”. وختم حديثه قائلاً: “الكتاب هو شمس مضيئة، لا تشرق فقط على الوطن العربي، بل على العالم أجمع. ومثلما كانت الرباط بالأمس مركزًا للفكر والإشعاع نحو أوروبا، فإن هذا التوهج يستمر اليوم مع إشراقة الشارقة بالفكر والعلم والثقافة”.
