بدأت رحلة عبد اللطيف بنيحيى المهنية بعد تخرجه من المركز التربوي الجهوي (CPR) عام 1977، ليُعيّن مدرساً في مدينة الدار البيضاء.
كانت تلك الفترة نقطة تحول في حياته، إذ تزامنت مع تعيين زوجته التي كان يرتبط معها بعلاقة حب منذ أيام الدراسة الثانوية.
بعد أن أكملت زوجته دراستها في كلية الحقوق، التحقت أيضاً بالمركز التربوي الجهوي في طنجة متخصصة في الشعبة الفرنسية، وتخرجا معاً ليتم تعيينهما في منطقتين مختلفتين بمدينة الدار البيضاء، مما شكل تحدياً لوجود مسافة شاسعة بينهما.
يصف بنيحيى بدايات حياته المهنية والزوجية في الدار البيضاء بأنها “مرحلة صعبة جداً”. في البداية، اضطر للإقامة في فندق قرب سينما الريف عند مدخل شارع الجيش الملكي، لكنه سرعان ما تمكن من إيجاد سكن متواضع بمساعدة زميل له.
بدأت رحلة الكفاح والتأسيس للأسرة في تلك الشقة البسيطة، حتى رزق بابنه الأول “مراد” الذي يعمل حالياً تقنياً في تلفزيون “ميدي 1 تي في”. ثم توسعت الأسرة لتضم بنتاً متخصصة في اللغة الإسبانية وحاصلة على دبلوم في الدراسات الدولية، تشغل اليوم منصب رئيسة مصلحة في المديرية العامة للأمن الوطني بالرباط، بالإضافة إلى ابنة أخرى أستاذة للغة الإنجليزية، وابن يعمل في المجال الرقمي.
انتقلت أسرة بنيحيى بين عدة أحياء في مدينة طنجة، من مرشان إلى فلوري.. ، ولكن فترة إقامتهم في حي “القصافات” كانت محورية في مسيرة بنيحيى الثقافية.
في “القصافات”، كان منزل الأسرة ملاصقاً لمنزل نور الدين صايل، الصديق الحميم. وقد ساهمت هذه الجيرة في ترسيخ علاقة بنيحيى بالسينما والكتاب، خاصة أن الحي كان قريباً من عدة قاعات سينمائية مثل “الكازار” و”كابيتول”.
يُبرز بنيحيى دور نور الدين صايل في توسيع آفاقه الثقافية، إذ أتاح له شقيق نور الدين مكتبة ثرية تعرف من خلالها على الأدب الوجودي متمثلاً في أعمال سارتر وسيمون دي بوفوار، كما اطلع على روائع الأدب الروسي من جوجول إلى بوشكين وليرمونتوف ودوستويفسكي.
ظلت العلاقة بين بنيحيى ونور الدين صايل وطيدة حتى وفاة الأخير خلال جائحة كوفيد. وقد عبر بنيحيى عن تأثره بفقدان صديقه الذي كان يشاركه اهتماماته الفكرية والفلسفية، مشيداً بجهوده ومبادرة الوالي السابق محمد حصاد في إنقاذ سينما “الكازار” من الاندثار.
