أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال كلمته الافتتاحية في الاجتماع التحضيري الإقليمي لغرب آسيا للمؤتمر الخامس عشر للأمم المتحدة حول منع الجريمة والعدالة الجنائية، أن المغرب منخرط في مراجعة شاملة لمنظومته القانونية، تشمل تعديل الإجراءات والنصوص الجنائية والمدنية، وتحديث مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع التحولات الاجتماعية والدولية التي تعرفها المملكة.
وأوضح وهبي، في اللقاء الذي تحتضنه مدينة مراكش إلى غاية 25 أبريل 2025، أن هذه الإصلاحات تنبني على تصور حديث لدور الدولة، وتسعى إلى إرساء قواعد جديدة تضمن تطور المؤسسة القانونية وتواكب التحديات المتجددة.
وشدد على أن المغرب واعٍ بأهمية تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الجريمة، وهو ما يترجمه انخراطه في 90 اتفاقية دولية، واستمراره في التفاوض بشأن عدد مماثل من الاتفاقيات الأخرى.
وفي ما يشبه إعلان توجه استراتيجي، قال وهبي إن الوقت قد حان في العالم الإسلامي لإطلاق “خطوة كبيرة” في المجال الجنائي، تقوم على مبدأ احترام السلامة البدنية وإلغاء عقوبة الإعدام، موضحًا أن المغرب يسير في هذا الاتجاه، من منطلق التزامه بحقوق الإنسان وبالعدالة الحديثة.
وتوقف الوزير عند التحديات الجديدة المرتبطة بالتحول الرقمي، على رأسها الجرائم الإلكترونية وجرائم الذكاء الاصطناعي، معتبرًا أنها تستوجب تفكيرا عميقًا في التوازن بين حرية التعبير والأمن الرقمي.
كما أشار إلى اعتماد المملكة مقاربة متعددة الأبعاد ترتكز على مراجعة شاملة للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية، إلى جانب إصدار قانون الطب الشرعي، وإعداد مشروع قانون لإحداث بنك وطني للبصمات الجينية.
وإلى جانب ذلك، أعلن وهبي عن إحداث مرصد وطني للإجرام لرصد الظواهر الإجرامية واقتراح سبل الوقاية منها، إضافة إلى وكالة وطنية لتدبير وتحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة أو المصادرة.
كما دعا إلى التفكير في صياغة اتفاقية دولية خاصة بالجرائم الرقمية، قادرة على التصدي للانتهاكات العابرة للحدود باسم حرية التعبير، مؤكداً أن مسؤولية كل دولة تكمن في حماية مواطنيها وكذلك حماية الدول الصديقة من تهديدات رقمية محتملة.
وفي ختام مداخلته، شدد الوزير على أن المغرب يواصل ملاءمة ترسانته القانونية مع التزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان، لا سيما ما يتصل بمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، واعتماد سياسة استباقية متقدمة في مجال مكافحة الإرهاب.
من جهته، أكد المقدم أحمد صالح الزرعوني، ممثل وزارة الداخلية الإماراتية، على أهمية الاجتماعات التحضيرية الإقليمية للمؤتمر الأممي المقبل، باعتبارها منصة لتقاسم التجارب وتعزيز التعاون الدولي في مجال العدالة الجنائية.
كما أبرزت جو ديديين أمان، ممثلة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن التوصيات الصادرة عن هذا اللقاء ستُعتمد كأساس لصياغة البيان الختامي لمؤتمر أبوظبي المرتقب سنة 2026، مشيرة إلى أن جدول الأعمال يشمل قضايا منع الجريمة، مكافحة الجرائم الرقمية، وتيسير الولوج إلى العدالة.