قال الكاتب والشاعر صلاح الوديع في كلمته عقب توقيعه لكتاب “الأنا والوطن”، يوحي بوجود معادلة ذات علاقة بين “الأنا والوطن”، أي بين كيانيين مستقلين عن بعضهما لكن ما يربطهما هو شرط الوجود.
بادر بعض المثقفين خاصة إلى كتابة بعض المذكرات والسير الذاتية، وعرف هذا النوع من الكتابة الأوتوبيوغرافية حضورًا متصاعدًا في المشهد الأدبي، تعددت مسمياته بتعدد إصداراته، مذكرات، سيرة ذاتية، أدب السجون… إلخ، توجت في السنوات الأخيرة بإصدارات الأمر الذي يجعل من منتوجهم الأوتوبيوغرافي في نسخته السياسية يشكل درساً آخر في التاريخ فضا عن كونه ظاهرة أدبية وثقافية تستحق الوقوف عندها قراءة وتأويا.
كشف الكاتب والمفكر صلاح الوديع عن الدوافع العميقة والهواجس التي رافقته خلال عملية الكتابة، مؤكداً أن عمله ليس مجرد سرد تاريخي، بل هو استرجاع أدبي للذكريات يمزج بين الشخصي، الأسري، والوطني، ويحمل في طياته مسؤولية تجاه الأجيال القادمة ووصية لمواجهة عالم متغير.
وأوضح الوديع، خلال توقيع لكتابه الجديد “ميموزا”، أن أحد هواجسه الرئيسية كان السعي “ما أمكن” للموضوعية، حتى أنه ذكر أشخاصاً عايشوه في محطات معينة ليكونوا بمثابة شهود على تلك الأحداث، مضيفاً أن “الذاكرة يجب أن يتم الحفاظ عليها وإحياؤها”.
واعتبر الوديع أن هذا الحفظ ينبع من “مسؤولية معنوية” تجاه الأجيال القادمة، فكل جيل له كتابه، ومن الضروري الشهادة على زمنه بأكبر قدر من الموضوعية.
إلى جانب الموضوعية، شدد الوديع على أهمية الشكل الأدبي لتجنب “ثقل السرد” وضمان “متعة القراءة”.
وقال: “كان عندي هاجس ديال أنه الشكل الأدبي يكون حاضر كذلك… حاولت باش ندير واحد التليفة نتمنى نكون نجحت فيها”، مشيراً إلى محاولته الموازنة بين “جفاف المؤرخ” و”خيال الشاعر” لتقديم صورة حية لما وقع، دون الوقوع في مجرد جلد الذات أو تضخيم الأحداث.
أكد الوديع مراراً أن عمله “ليس عملاً تاريخياً نهائياً”، بل هو “عمل أدبي واسترجاعي للذكريات” يمكن إدراجه ضمن “أدب السيرة”.
ونظراً لتداخل الشخصي بالأسري والوطني في حياته، جاء الكتاب حاملاً لهذا التداخل، لكنه يهدف في النهاية ليس فقط لعرض الماضي، بل “لفتح آفاق للمستقبل”.