لندن تراهن على الشراكة مع المغرب لتعزيز أمنها الطاقي وتنويع شراكاتها
كشف تقرير حديث لصحيفة “هافينغتون بوست” الدولية عن عمق العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين المغرب والمملكة المتحدة، مسلطاً الضوء على الأهمية المتزايدة للمملكة المغربية كشريك محوري للندن في مجالات حيوية متعددة.
وفي مقال كتبه جو باول، عضو مجلس العموم البريطاني عن حزب العمال الحاكم، تم تسليط الضوء على القطاعات الرئيسية التي تشكل ركائز هذه الشراكة، بما في ذلك الاقتصاد والطاقة والأمن والابتكار والرياضة.
في ظل الاضطرابات العالمية الراهنة، بات أمن الطاقة يمثل أولوية قصوى للدول الكبرى. وقد شدد باول على أن التعاون المغربي البريطاني في هذا المجال يمثل “استثماراً استراتيجياً في قدرة المملكة المتحدة على الصمود في مجال الطاقة”، معتبراً أن هذه الشراكة تبنى مع حليف “مستقر وعريق”.
ويأتي هذا التصريح بالتزامن مع انعقاد قمة عالمية حول الأمن الطاقي في لندن، حيث تبرز جهود المغرب في مجال الطاقات المتجددة كنموذج يحتذى به إقليمياً ودولياً.
أشار التقرير إلى الجذور التاريخية العميقة للعلاقات المغربية البريطانية التي تمتد لأكثر من 12 قرناً، مع إرساء علاقات دبلوماسية رسمية تجاوزت 800 عام، مما يجعلها من أقدم العلاقات الدبلوماسية في العالم.
ويؤكد باول أن هذه العلاقة تتجاوز الأبعاد السياسية والاقتصادية لتشمل روابط ثقافية وإنسانية تشكل أرضية خصبة لتعميق الشراكة بين البلدين.
على الصعيد الاقتصادي، يمثل المغرب شريكاً تجارياً رئيسياً للمملكة المتحدة رغم أنه لا يبعد سوى أقل من ثلاث ساعات طيران عن لندن. وتشهد التبادلات التجارية والفلاحية بين البلدين نمواً مطرداً، مما يعزز العلاقات الثنائية ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون.
أبرز التقرير الدور المحوري للمغرب في قطاع الابتكار المتقدم، خاصة في مجال صناعة السيارات الكهربائية. وقد سبق لوزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن سلط الضوء على المكانة الاستراتيجية التي يحتلها المغرب في سلسلة التوريد الخاصة بالسيارات المعتمدة على الطاقات الجديدة.
وبفضل قدراته الإنتاجية القوية وموقعه الاستراتيجي بالنسبة للسوق الأوروبية، يتموقع المغرب كمركز إقليمي لتحفيز الابتكار والتنمية المستدامة في قطاعات تكنولوجية متقدمة.
ختم التقرير بالإشارة إلى أن استضافة المغرب لكأس العالم لكرة القدم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال تمثل “فرصة ممتازة” لتعزيز العلاقات بين المملكتين وفتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات متنوعة.
وفي ظل تنامي أهمية الأمن الطاقي والابتكار التكنولوجي عالمياً، يبدو أن الشراكة المغربية البريطانية مرشحة لمزيد من التطور والتعمق خلال السنوات المقبلة، لتشكل نموذجاً للتعاون الاستراتيجي بين دولتين تتقاسمان تطلعات مشتركة نحو المستقبل.