وسط الزخم الثقافي والإعلامي الذي يشهده المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، خطف رواق المجلس الأعلى للسلطة القضائية الأنظار، مستقطبًا مهنيين وباحثين وطلبة وزوارًا من مختلف المشارب، في لحظة فكرية وقانونية تعكس انفتاح المؤسسة القضائية على المجتمع ورغبتها في ترسيخ ثقافة العدالة لدى الرأي العام.
من قلب هذا الرواق، أكد حسن جبير، رئيس المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، على أهمية المشاركة في النقاش المفتوح من داخل المعرض، قائلًا: “حضوري اليوم جاء للمساهمة في ندوة تتمحور حول ضمانات المتهم أثناء المحاكمة، موضوعٌ يرتبط ارتباطًا مباشرًا بأدوار المجلس الأعلى للسلطة القضائية، باعتباره مؤسسة دستورية تسهر على دعم استقلالية القضاة، ليس فقط من خلال التشريعات، بل أيضًا عبر الممارسة اليومية والمستمرة للمجلس، من خلال التكوين، والتخليق، والتأطير، والتوجيه عبر الدوريات الرسمية.”
الحديث عن استقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة لم يكن معزولًا عن السياق التشريعي الراهن، فقد أشار سمير أيت أغجدان، رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، إلى أن هذا الحضور القوي للمجلس في قلب النقاش العمومي “يندرج ضمن سياسة الانفتاح التي ينهجها، لمواكبة التعديلات القانونية الكبرى، خاصة ما يتعلق بمشروعي قانون المسطرة المدنية والجنائية.”
وأضاف: “المجلس اليوم لا يكتفي بالقيام بدوره المؤسساتي، بل يسعى إلى طرح الأسئلة الحقوقية الكبرى على المجتمع، في زمنٍ يشهد فيه مفهوم العدالة تحديات كونية، من بطء المساطر، إلى ارتفاع التكاليف، وصولًا إلى الإشكالات المرتبطة بالنجاعة القضائية. النقاش المفتوح داخل هذا الرواق يتيح ملامسة الضمانات القانونية والقضائية من زاوية نظر علمية ومهنية، ومن خلال تجارب ميدانية حيّة.”
في المحصلة، لم يعد رواق المجلس الأعلى للسلطة القضائية مجرد فضاء تعريفي، بل تحول إلى ورشة للنقاش الوطني حول العدالة، في زمن يتقاطع فيه القانون مع حقوق الإنسان، ويشتد فيه الطلب المجتمعي على عدالة أكثر انفتاحًا، شفافيةً، ونجاعة.