في سياق تخليد الذكرى الستين لتوقيع اتفاقية اليد العاملة بين المغرب وبلجيكا، نظم مجلس الجالية المغربية بالخارج، ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، لقاءً ثقافيًا تحت عنوان: “ذكرى العلاقات المغربية البلجيكية.. التاريخ والهجرات”، استعرض خلاله باحثون وكتاب من أصول مغربية مقيمين ببلجيكا مؤلفات جماعية تسلط الضوء على مسارات الهجرة المغربية بهذا البلد الأوروبي.
وعرف اللقاء مشاركة كل من الكاتبة والبرلمانية السابقة فتيحة السعيدي، وعالم الاجتماع حسن بوستة، والباحث الجامعي أحمد مدهون، إلى جانب الفاعل الثقافي محمد إقوبان، والناشرة البلجيكية المقيمة بالمغرب ميشال ديماوت، في جلسة أدارها الصحافي أمين بوسحابة.
واستعرض المتدخلون مضامين ثلاثة مؤلفات جماعية صدرت بدعم من مجلس الجالية، وهي “لي عشقين”، “بلجيكا بلادي”، و”بين ضفتين”، واعتبروها بمثابة توثيق حي لذاكرة الهجرة المغربية إلى بلجيكا منذ 1964، وتعبيرًا عن ازدواجية الانتماء الثقافي للأجيال الجديدة من أبناء الجالية.
وأكدت فتيحة السعيدي أن كتاب “لي عشقين”، الذي أشرفت على تنسيقه، يجسد تجربة مزدوجة للانتماء بين المغرب وبلجيكا، ويفتح النقاش حول التعدد الثقافي والهوية العابرة للحدود. أما أحمد مدهون، فشدد على البعد التوثيقي لكتاب “بلجيكا بلادي”، باعتباره عملًا يسعى للحفاظ على ذاكرة الجيل الأول من المهاجرين، لاسيما النساء، وتثمين تضحياتهم في ظروف اجتماعية صعبة.
من جهته، اعتبر حسن بوستة أن كتاب “بين ضفتين” يرصد التاريخ المشترك غير المكتوب بين المغرب وبلجيكا، مشيرًا إلى أن العلاقات بين البلدين أعمق من مجرد اتفاقيات ثنائية، وتمتد إلى محطات تاريخية سابقة، مبرزًا الأبعاد السوسيولوجية لهذه الدينامية.
كما تطرق اللقاء إلى تجربة الناشرة البلجيكية ميشال ديماوت، التي اختارت الهجرة المعاكسة والاستقرار في المغرب، مؤكدة أن قرارها جاء نتيجة إعجابها العميق بالثقافة المغربية، وحرصها على المساهمة في تطوير قطاع النشر والتعريف بصورة المغرب في الخارج.
واعتبر محمد إقوبان، مؤسس مؤسسة “موسم” الثقافية، أن هذه التظاهرات تكرس مسارًا تصحيحيًا في تمثيل الثقافة المغربية ببلجيكا، في مواجهة الصور النمطية السائدة وصعود اليمين المتطرف في بعض الأوساط الأوروبية.
ويأتي هذا اللقاء في إطار شراكة بين مجلس الجالية المغربية بالخارج ودور نشر متخصصة، ويهدف إلى إعادة الاعتبار لذاكرة الهجرة المغربية في الفضاء البلجيكي، من خلال كتابة جماعية متعددة الأصوات والاختصاصات، تسعى إلى مزيد من الفهم والاعتراف بمساهمة الجالية في بناء الجسور الثقافية بين الضفتين.
