خلال حفل توقيع الجزء التاسع من مؤلفات الصحفي الراحل محمد الباهي، الذي نُظم ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، قال مبارك بودرقة، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة، إن الباهي كان “شخصًا استثنائيًا” كتب تراثًا ضخمًا من التحليلات العميقة والرؤى الاستباقية، رغم أنه لم يلتحق لا بالمدرسة ولا بالجامعة.
وأوضح بودرقة أن الباهي تنبأ منذ ثمانينيات القرن الماضي بتغيرات كبرى في المشهد الجغرافي والسياسي العربي، بينها قيام دولة كردية شمال العراق، والتغييرات الجارية في حدود الدول العربية، مشيرًا إلى أن كثيرًا مما كتبه حينها أصبح واقعًا معاشًا اليوم.
وتوقف المتحدث عند مقالات الباهي عن السودان منذ ستينيات القرن الماضي، مبرزًا دقته في تشخيص أزمة “البحث عن الزمن الضائع” التي لا تزال السودان تعانيها، وقراءةً مبكرة لمخاطر الانفصال والتقسيم.
وأكد بودرقة أن محمد الباهي يشكل مصدرًا لا غنى عنه للباحثين والمؤرخين لفهم التاريخ السياسي للمغرب ولعدد من القضايا الدولية، مشيرًا إلى أن تراثه أصبح اليوم موضوع عشرات الأطروحات الجامعية، وأن الجهد المبذول لجمع هذا الإرث وتعليقه يتم بالتعاون مع الأستاذ مولاي مبارك.
ودعا بودرقة إلى إعادة الاعتبار لكتابات نخب المغرب، وعلى رأسهم الباهي، والعمل على نشرها وتعريف الأوساط العلمية والصحفية بها، مشددًا على أن الباهي كان صحافيًا ملتزمًا ووطنيًا، وبصم مسار الفكر والصحافة العربية بمواقف وتحليلات لامست عمق القضايا الوطنية والدولية.
وأشار إلى الشهادات المؤثرة التي تلقاها خلال عمله على مشروع جمع تراث الباهي، ومن بينها ما نقله عنه الكاتب عبد الرحمن منيف الذي أوصى على فراش المرض بضرورة حفظ ونشر إرث محمد الباهي.
وختم بودرقة مداخلته بالقول إن العمل لا يزال متواصلاً، إذ يجري التحضير لنشر أجزاء جديدة من كتابات الباهي خلال السنوات المقبلة، رغم التحديات الزمنية والصحية، مؤكدًا أن طموحه هو مواصلة إخراج هذا التراث إلى الوجود، وفاءً لذكرى أحد أعمدة الصحافة المغربية والعربية.