طالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد وزير العدل عبد اللطيف وهبي بالتراجع الفوري عن تصريحاته الأخيرة، التي اعتبرت أنها تمس بدور مؤسسات الحكامة وتشكك في مشروعيتها داخل النقاش التشريعي حول قانون المسطرة الجنائية، داعية إلى فتح تحقيق برلماني لتحديد خلفيات هذه التصريحات وتداعياتها.
وأعربت المنظمة، في بيان لها، عن استنكارها لما وصفته بـ”الموقف المنحرف عن روح الدستور”، على خلفية تقليل وزير العدل من شأن تدخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة في النقاش التشريعي، معتبرة أن ذلك “يمس بمبدأ المشاركة المؤسساتية الذي يعد من أسس النظام الديمقراطي المغربي”.
وأكدت المنظمة أن الدستور لا يكتفي بتكريس مبدأ فصل السلط، بل ينص على تكاملها وتعاونها، ما يجعل من تدخل المؤسسات الدستورية في النقاشات القانونية والعمومية ممارسة ضرورية لتعزيز التعددية وتقوية البناء الديمقراطي.
وفي هذا الإطار، استحضرت المنظمة الفصل 152 من الدستور، الذي يخول للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إبداء الرأي في القوانين ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، معتبرة أن ذلك ينطبق بوضوح على مشروع قانون المسطرة الجنائية، لما له من أبعاد عدلية ومجتمعية.
كما أكدت المنظمة أن الهيئة الوطنية للنزاهة تملك صلاحيات تقييم السياسات المتعلقة بمحاربة الفساد، وفقًا للقانون التنظيمي رقم 113.12، ما يجعل تدخلها في المشروع مشروعًا وداخلاً في صميم اختصاصها.
وأعربت عن “قلقها البالغ من أن توجه مؤسسة حكومية تنفيذية انتقادات صريحة لمؤسسات دستورية”، معتبرة أن هذا النهج يعكس نزعة سلطوية تتناقض مع مسار الإصلاح والانفتاح الذي تبناه المغرب، ويشكل تهديدًا لاستقلالية المؤسسات ويقوّض دورها كفاعل ديمقراطي.
ودعت المنظمة إلى احترام المبادئ الدستورية التي تنظم العلاقة بين السلط والمؤسسات، منبهة إلى خطورة خلق سابقة قد تُفضي إلى تهميش المؤسسات وإفراغ المشاركة من مضمونها.
كما ناشدت المنظمة الملك محمد السادس، باعتباره الضامن لاستقلال المؤسسات، بالتدخل لحماية التوازنات الدستورية، داعية إلى التمسك بروح الإصلاح التي حملها دستور 2011.
وختمت بيانها بالتأكيد على ضرورة بناء “مغرب المؤسسات لا مغرب الأشخاص، وعدالة تقوم على المشاركة لا على الإقصاء”، معتبرة أن احترام المؤسسات هو الركيزة الأساسية لبناء ديمقراطية قوية ومتوازنة.
يُذكر أن تصريحات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، التي أثارت الجدل جاءت خلال مشاركته في يوم دراسي بمجلس النواب، حيث اعتبر أن مؤسسات الحكامة لا تملك صلاحية التدخل في التشريع، مؤكداً أن هذه المهمة تبقى اختصاصاً حصرياً للبرلمان.