على خلفية ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من إشاعات تتحدث عن تلوث الحليب المبستر بفيروسات مجهولة، فتحت وحدة لإنتاج مشتقات الحليب أبوابها أمام فريق صحفي لتقريب الرأي العام من ظروف العمل، وتوضيح المسار الذي تقطعه هذه المادة الحساسة قبل أن تصل إلى المستهلك، في محاولة لتبديد المخاوف وتصحيح المغالطات.
في قلب المعمل، وسط أصوات الآلات وروائح الحليب الدافئ، تقول بشرى لوديي، مديرة الإنتاج، إن التعامل مع الحليب يتطلب أعلى درجات اليقظة. “الحليب مادة حساسة، وأكثر حساسية حين لا نستعمل مواد حافظة.
لذلك نخضعه لمراحل متعددة من المراقبة والتعقيم، ونشتغل تحت مراقبة المكتب الوطني للسلامة الصحية”، تؤكد بشرى.
وتوضح لوديي أن وحدة الإنتاج لا تتعامل سوى مع الحليب المبستر، وهو الذي يخضع لمعالجة حرارية دقيقة تقضي على البكتيريا والفيروسات المحتملة، مما يجعله آمنا للاستهلاك. وتضيف: “الحرارة قد تصل إلى 80 درجة، وهي كافية للقضاء على أي عنصر مضر.
الإشاعات خلقت تخوفًا عند الزبناء، لكننا حرصنا على التواصل معهم وشرح الفرق بين الحليب المبستر والحليب العشوائي الذي يُباع في الشارع”.
من جهته، يوضح أحمد عيشوني، مسؤول الجودة، أن كل شحنة حليب تمر بتحاليل دقيقة قبل قبولها: “نقوم بفحص المضادات الحيوية، ونقيس نسب البروتين والدسم، ونرفض أي شحنة غير مطابقة. بعد ذلك، تبدأ مراحل الفلترة والبسترة وفق بروتوكول صارم”.
أما زينب شرفي، المسؤولة التقنية، فترى أن “المنتوج لا يُغادر الوحدة إلا بعد التأكد من مطابقته للمعايير الداخلية والدولية”. وتضيف: “الزبون لا يرى هذه التفاصيل، لكن داخل المصنع هناك التزام يومي لضمان سلامة ما يُستهلك”.
هذا اللقاء الميداني، الذي تم داخل فضاء الإنتاج، كشف عن حجم العمل الذي يُبذل خلف الكواليس لضمان سلامة المنتوجات، وأبرز في المقابل كيف يمكن لإشاعة غير دقيقة أن تخلق حالة من الهلع وسط المواطنين، في غياب تواصل فعّال وسريع.
وبين المعطى العلمي، وشهادات من داخل المصنع، بدا واضحًا أن الحليب المبستر الذي يخضع لمراقبة واعتماد رسمي، لا علاقة له بما يُباع عشوائيًا خارج القنوات القانونية.
وهو ما دفع مسؤولي الوحدة إلى دعوة المواطنين لاستهلاك المنتوجات التي تُحترم في إنتاجها شروط السلامة والرقابة، مؤكدين أن “الاختيار بين منتوج مراقب وآخر عشوائي، هو اختيار بين الثقة والمجهول”.
