ودّع المغرب، يوم امس السبت، واحدًا من رجالات الفكر والسياسة البارزين، برحيل المهندس الزراعي والمثقف والصحفي يحيى بن سليمان، عن عمر ناهز 99 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعمل الوطني والعطاء الثقافي والوظيفي امتدت لعقود من الزمن.
عرف الراحل بثراء تجربته الفكرية والإنسانية، وبخزانة كتبه الغنية التي اعتُبرت مرجعًا هامًا لدارسي الشأن المغربي، كما اشتهر بكتابه البارز “نحن المغاربة”، الذي يُعد من أبرز الأعمال التي لامست الهوية الوطنية من زوايا متعددة.
كما تنوّعت مساهماته الصحفية، لا سيما في مجالي الاقتصاد والاجتماع، وكان يوقّع أحيانًا باسم مستعار “ميمون آعربي” نظرا لغزارة إنتاجه وحضوره المستمر في الساحة الإعلامية.
يُعد بن سليمان من الجيل الأول للمهندسين الزراعيين الذين تخرّجوا بعد الاستقلال، وراكم تجربة إدارية وسياسية كبيرة، إذ شغل مناصب رفيعة، منها مدير الديوان الملكي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ثم وزيرًا للصناعة والمعادن، وعاملاً على إقليم بني ملال، كما عُيّن سفيرًا للمغرب في إيطاليا، وممثلًا دائمًا لدى منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
في مجال الإعلام، قاد مؤسسة الرسالة التي تُصدر جريدتي “العلم” و”الرأي” بتبصر وحكمة، مُسهمًا في رسم توجه إعلامي يرتكز على المسؤولية والتعددية، كما لعب أدوارًا وازنة داخل حزب الاستقلال، حيث ظل أحد الوجوه الحاضرة في المشهد السياسي المغربي منذ عقود.
برحيل يحيى بن سليمان، يفقد المغرب اسمًا قلّ نظيره، جمع بين الرصانة الفكرية، والخبرة التقنية، والمسؤولية السياسية، وظل حتى الرمق الأخير وفيًا لمسار نضالي وفكري طويل، ترك أثره في الإدارة والدبلوماسية، كما في الصحافة والثقافة الوطنية.