كشف تقرير حديث للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) أن المغرب أحرز تقدمًا ملحوظًا في تطوير استراتيجيات الشمول المالي، لكنه لا يزال يواجه تحديات في تطبيقها على أرض الواقع، خاصة في المناطق الريفية وبين الفئات المهمشة.
وأوضح التقرير المعنون “الاستعراض السنوي لأهداف التنمية المستدامة 2025: الشمول المالي في المنطقة العربية” أن 42% من البالغين المغاربة غير قادرين على استخدام حساباتهم المالية بشكل مستقل. ورغم أن هذه النسبة أفضل من المتوسط الإقليمي العربي البالغ 64%، إلا أنها لا تزال أعلى من المتوسط العالمي المقدر بـ 24%.
ويعرّف الشمول المالي بأنه تمكين جميع فئات المجتمع، وخاصة الضعيفة منها، من الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية مثل الحسابات البنكية والقروض والتأمين، بهدف تقليص الإقصاء المالي وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأظهر التقرير وجود تفاوتات كبيرة في مستويات الشمول المالي بين دول المنطقة العربية، مرتبطة بمستويات الدخل في كل بلد. ففي البلدان العربية متوسطة الدخل، ومن بينها المغرب، يمتلك 67% من البالغين حسابات للمعاملات المالية، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 23% في البلدان مرتفعة الدخل، وتتدنى إلى مستويات حرجة في البلدان منخفضة الدخل حيث لا يمتلك 81% من البالغين أي حسابات مالية.
ورصد التقرير اتساع “فجوة الاستخدام” في المنطقة العربية، حيث لا يتناسب مستوى استخدام الخدمات المالية مع إمكانية الوصول إليها. وفي عام 2021، لم يقم سوى 36% من البالغين في المنطقة بإجراء أو تلقي مدفوعات رقمية، وهو رقم أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 67%، مما يشير إلى استمرار الاعتماد على المنافذ التقليدية كالفروع البنكية وأجهزة الصراف الآلي.
كما سلط التقرير الضوء على الفجوة الكبيرة بين الجنسين في مجال الشمول المالي. فرغم تسجيل بلدان المغرب العربي ارتفاعًا في نسبة الحسابات العائدة للنساء بمعدل 33%، مقارنة بـ 22% في بلدان المشرق، إلا أنها تشهد أيضًا أوسع فجوة بين الجنسين في المنطقة، حيث يبلغ الفارق 26 نقطة مئوية في الجزائر و23 نقطة مئوية في المغرب.
وأشاد التقرير بالمبادرات التي أطلقها المغرب لتحسين الوصول إلى الخدمات المالية، خاصة إدراجه الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن الفئات المستهدفة في استراتيجيته الوطنية للشمول المالي. حيث أصدر البنك المركزي المغربي ميثاقًا قطاعيًا بالتعاون مع جمعية المصارف لتسهيل وصول هذه الفئة إلى الخدمات المالية، كما أجرى دراسة تشخيصية لتحديد احتياجات المرأة الريفية وتعزيز وصولها إلى الخدمات المالية الميسورة والملائمة.
وختم التقرير بالإشارة إلى جهود البنك المركزي المغربي في تأسيس “المؤسسة المغربية للثقافة المالية” لتعزيز الإلمام بالشؤون المالية بين فئات الشباب والنساء والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وسكان الريف.
وفي عام 2022، استفاد أكثر من 27,000 شخص من برامجها التدريبية المتخصصة في التوعية المالية وإدارة المدخرات والاقتراض.