أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية لا يمكن التعامل معه بمنطق التجزئة أو الانتصار لمصالح فئوية واعتبارات سياسية ضيقة، مشدداً على أن القانون يخاطب كل الخاضعين لأحكامه بتجرد ومساواة، بغضّ النظر عن مراكزهم في الخصومة الجنائية.
وجاءت تصريحات الوزير خلال الجلسة التشريعية المنعقدة بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء 20 ماي 2025، والتي خُصصت لتقديم مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 بشأن المسطرة الجنائية.
وأوضح وهبي أن الوزارة تفاعلت إيجابيًا مع عدد كبير من التعديلات المقدمة من طرف النواب، والتي بلغ مجموعها 1384 تعديلًا، فيما لم يتم الاستجابة لبعض المقترحات الأخرى بالنظر إلى تعارضها مع المحددات الأساسية للإصلاح أو لصعوبات تقنية وقانونية أو مادية تحول دون تنفيذها.
وأشار الوزير إلى أن مراجعة هذا النص التشريعي تمت في ضوء مقاربة تشاركية، حرصت من خلالها الوزارة على الإنصات لجميع المتدخلين، من سلطات قضائية وأمنية ومؤسسات دستورية، من ضمنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مضيفاً أن النقاشات حول المشروع شملت أيضاً هيئات مهنية وجامعية وسياسية.
وفي هذا السياق، عبّر وهبي عن رفضه لمحاولات تسييس النقاش حول المشروع، معتبراً أن بعض القراءات غلبت عليها الذاتية السياسية، وأن القانون يجب أن يظل بمنأى عن التوظيفات التي تمس جوهره وتعرقل تحقيق المصلحة العامة.
وشدد وزير العدل على أن هذا التعديل التشريعي يهدف إلى إرساء توازن دقيق بين فعالية مكافحة الجريمة واحترام حقوق وحريات الأفراد، وهي المعادلة التي تقوم عليها المنظومات الجنائية الحديثة، وتُعد مفصلًا أساسياً في بناء عدالة جنائية ناجعة وعادلة.
واستعرض الوزير عدداً من المعطيات المقلقة التي دفعت إلى مراجعة القانون، من بينها تضاعف معدلات الجريمة منذ سنة 2003، واستمرار أزمة اكتظاظ المؤسسات السجنية، التي باتت تضم أكثر من 105 آلاف سجين، إلى جانب ارتفاع نسب الاعتقال الاحتياطي رغم الجهود المبذولة في ترشيده، وبلوغ عدد المحالين إلى الحراسة النظرية سنويًا 400 ألف شخص، وعدد المقدمين أمام المحاكم نحو نصف مليون شخص، في ظل تضخم مستمر في القضايا الزجرية.
كما أبرز الوزير أهمية ملاءمة الآليات القانونية الوطنية مع المتطلبات الدولية، لا سيما في ما يتعلق بالتعاون في مكافحة الجريمة المنظمة، في ظل توقيع المغرب على أزيد من 90 اتفاقية ثنائية مع دول أجنبية، مما يستوجب تأطيرًا قانونيًا عصريًا يعزز موقع المملكة كشريك دولي موثوق في مجال العدالة.