أثار وزير العدل عبد اللطيف وهبي موجة جدل جديدة بتصريح وُصف بالصادم، خلال جلسة تشريعية عقدها مجلس النواب يوم الثلاثاء 20 ماي 2025. وفي معرض حديثه عن حجم الاختلالات التي تطال تدبير الشأن المحلي، قال وهبي بنبرة حادة: “جيب لي أي رئيس بلدية فالمغرب… عطيني غير أسبوع وندخلو للحبس!”، في إشارة واضحة إلى أن مظاهر الفساد وسوء التسيير ترقى إلى مستوى المتابعة القضائية، إن تم تفعيل المساطر القانونية بكامل الصرامة.
الوزير أوضح أن عدداً من رؤساء الجماعات لا يحترمون القوانين التنظيمية والمالية المؤطرة لعملهم، ما يجعل رصد الخروقات أمراً يسيراً، لولا تعقيدات مرتبطة بالتقدير الإداري وبطء الإجراءات القضائية في بعض الحالات. وجاءت تصريحاته في سياق تقديمه لمشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، حيث استعرض مجموعة من الإشكالات العملية التي تعوق محاربة الفساد المحلي وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وقد تزامن هذا التصريح مع تصاعد النقاش العمومي حول ضرورة تخليق الحياة العامة، في ظل تواتر تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي تفضح اختلالات متكررة في التسيير المحلي، خاصة على مستوى الصفقات العمومية والتدبير المالي. وهي تقارير لطالما طالب فاعلون سياسيون وجمعويون بتحويلها إلى إجراءات ملموسة تفضي إلى المحاسبة والمتابعة القضائية.
الخرجة الكلامية الجديدة لعبد اللطيف وهبي قسمت الآراء على مواقع التواصل الاجتماعي بين من رأى فيها شجاعة سياسية واعترافًا نادرًا بواقع يعتريه الفساد المزمن، وبين من اعتبرها مجرد فرقعة إعلامية لا تُغني عن ضرورة التفعيل الصارم للمراقبة القضائية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفي خضم هذه التفاعلات، تعود إلى الواجهة التساؤلات حول مدى التزام المنتخبين بمبادئ الحكامة والنزاهة، وحول دور وزارة العدل في تحريك الملفات العالقة والمتعلقة بالفساد وسوء التدبير، خاصة في ظل مطالب اجتماعية متزايدة بالقطع مع منطق الإفلات من العقاب وتحصين المال العام من العبث والنهب المنظم.
