“أنا مازلت جميلة وقوية وصغيرة”، بهذه الكلمات المفعمة بالثقة افتتحت عارضة الأزياء والممثلة المغربية ليلى الحديوي حديثها الصريح في حوار على قناة “المشهد”، كشفت فيه عن جوانب خفية من حياتها، متطرقة إلى تحديات الشهرة، لحظات الضياع، وقوة الإيمان التي أعادتها إلى المسار الصحيح. لم تتردد حديوي في الغوص عميقاً في ذكرياتها، مشاركةً الجمهور بتفاصيل مؤثرة عن مسيرتها المهنية والشخصية، بما في ذلك تجاربها مع “التخربيق” كما وصفته، والخسارات الفادحة التي شكلت شخصيتها القوية اليوم.
ترعرعت ليلى، حسب ما كشفت عنه خلال حوارها، الابنة الوحيدة بين إخوة ذكور، في بيئة علمتها الصلابة والاعتماد على النفس منذ الصغر. “كبرت مع الدراري… كان خصني نفرض الوجود ديالي”. والدها، المؤذن الراحل في مسجد الحسن الثاني، كان يمثل لها “مفتاح الأمان”، وشكل رحيله المبكر في سن الستين صدمة كبيرة لها وهي في الثلاثين من عمرها، قائلة “ما كرهتوش كان بقى شوية اكثر معايا”.
أما والدتها الفاسية، فكانت الداعم الأكبر لها، خاصة في بداية طريقها نحو عالم عرض الأزياء الذي دخلته في سن السابعة عشرة. “الدنيا اللي علمتني”، تقول ليلى، مؤكدة أنها لم تتلق تعليماً أكاديمياً في المجال، بل تعلمت بالممارسة والتجربة.
ورغم عدم فوزها بلقب “ميس ماروك”، إلا أن تلك التجربة فتحت لها أبواباً واسعة، لتصبح واحدة من أبرز عارضات القفطان المغربي، بل وتعتبر نفسها “أول مغربية لبست الرقم القياسي في القفطان”.
تزوجت ليلى في سن التاسعة عشرة، وفي الرابعة والعشرين اتخذت قرار الطلاق من والد ابنتها إيناس، رغبةً منها في “عيش الحياة” والسفر واكتشاف المزيد. تعترف اليوم بنبرة تحمل بعض الندم “يا البليدة خليك مع راجلك”، لكنها تؤكد أن هذا القرار، رغم صعوبته، فتح لها آفاقاً جديدة. ابنتها إيناس، التي بلغت العشرين، كانت “البوصلة” في حياتها، خاصة في اللحظات التي كادت فيها الشهرة والأضواء أن تجرفها.
لم تخفِ ليلى مرورها بلحظات “ضياع” في خضم عالم الموضة والأضواء. “حسيتي بضياع ببعض الأحيان؟ طبعا؟”، مقدم البرنامج يسأل. وتحدثت بجرأة غير مسبوقة عن تجاربها السابقة قائلة: ” دوزت الكحول دوزت كلشي زعما كاع ذاك التخربيق اللي كاين في هذه الدنيا جربته”.
وأوضحت أن دافعها كان الفهم والتجربة، لكنها اكتشفت أن هذه المرحلة، التي وصفتها بأنها كانت “تفكير خاطئ”، انتهت منذ حوالي ثلاث سنوات، حيث وجدت القوة للخروج منها والعودة إلى حياة أكثر اتزاناً.
الحياة لم تكن رحيمة دائماً مع ليلى. فبالإضافة إلى فقدان والدها، عاشت تجربة مؤلمة بفقدان إحدى ابنتيها التوأم بعد 24 ساعة من الولادة، بينما بقيت إيناس في الحاضنة لشهرين كونها ولدت مبكراً. هذه الخسارات المتتالية، بالإضافة إلى رحيل جدها وخالها الذي كان بمثابة الأخ الأكبر، تركت ندوباً عميقة، لكنها أيضاً صقلت روحها وزادتها قوة. “الحياة كتعلمك ماشي هي كتبكيك باش تعلمك باش تعطيك دروس”.
تطرقت ليلى إلى الجدل الذي أثارته إحدى صورها الأخيرة التي وصفها البعض بالجريئة. أوضحت أنها لم تقصد إثارة الضجة أو إزعاج أحد، بل كانت مجرد رغبة في التغيير وتجربة “لوك” جديد. “والا مادرتيش الجرأة ماغاديش تعيش في هذه الحياة”، مؤكدة أن المجتمع المغربي يعتبرها “بنتهم”، وهذا ما يفسر ردود الفعل القوية أحياناً.
شددت حديوي على أهمية “القناعة” و”الثقة في الله” كركائز أساسية في حياتها. كما أن الصلاة، التي واظبت عليها مؤخراً بشكل أكبر، والرياضة، كان لهما دور كبير في تجاوز المحن واستعادة التوازن النفسي والروحي. “الرياضة عاونتني بزاف في حياتي”، تقول، معتبرة إياها نعمة ومنفذاً للطاقة الإيجابية.
رغم كل ما مرت به، لا تزال ليلى حديوي تنظر إلى المستقبل بتفاؤل وأمل. تحلم بتأسيس عمل خاص في دبي، وتحقيق مشروع جديد تعمل عليه حالياً، والأهم أن ترى ابنتها إيناس في أعلى المراتب. عن الحب والزواج، تترك الأمر للقدر: “الاذا كانت مكتبه وفيها الخير غتكون”.
في ختام حديثها، وبدموع صادقة عكست عمق تجربتها، وجهت رسالة للشباب بأهمية التمسك بالأحلام وعدم سلوك الطرق السهلة، لأن “الطريق الصعيبة غادي ترجع من بعد غتخلصك”. ليلى حديوي، بشجاعتها في الاعتراف بأخطائها وتقلبات حياتها، تقدم نموذجاً للمرأة القادرة على النهوض من رماد الألم، واستخلاص الدروس من كل تجربة، لتواصل مسيرتها بقوة وثقة أكبر في النفس وفي الغد.
ونشرت الحديوي على سطوري إنستاغرام قائلة:
تحدثت بصدق.
ليس لإثارة ضجة. ليس للتذمر.
فقط لأشارك، كامرأة من بين أُخريات، ندوبي وحقائقي.
ومع ذلك…
فضّل البعض توجيه أصابع الاتهام إليّ.
كما لو أن الصراحة فوق طاقتي. كما لو أن قول حقيقتي يشكل تهديدًا.
لا.
لستُ ضعيفة.
أنا امرأة مغربية؛ حرة، كريمة، وشامخة.
بكيت، نعم. لكن دموعي لم تُضعفني.
إنها تروي قصة ما مررتُ به. تُثبت أنني ما زلتُ أشعر.
وابتسامتي، رغم كل شيء؟
إنها قوتي الهادئة. طريقتي لأقول إنني لن أستسلم.
كفى إذن.
كفى أحكامًا، كفى تصنيفات.
نحتاج إلى الأخوة، لا الازدراء.
الروابط، لا القيود.
أنا فخورة بنفسي. ولستُ أخجل من أي شيء.
صوتي لمن أُسكت.
ونوري لمن لا يزال يبحث عن نوره.
إلى جميع النساء الحقيقيات: لا تحني رؤوسكن أبدًا.
نحنُ أقوياء. معًا.