“اعتبروني شهيدا لكني حيّ”.. شاب فلسطيني-مغربي يروي نجاته من صاروخ “الطن”
يروي الشاب إبراهيم عدنان قديح، وهو فلسطيني-مغربي، قصة نجاته المروعة من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وإصابته البالغة التي أدت إلى بتر ثلاثة من أطرافه، ورحلة علاجه الصعبة التي انتهت بعودته إلى المملكة المغربية، التي يعتبرها وطنه الأول.
بدأت محنة إبراهيم، الذي كان يدرس التمريض العام في جامعة الأزهر بغزة ومتفوقاً في دفعته، عندما عاد إلى القطاع في 12 سبتمبر 2023 لاستكمال دراسته واجتياز امتحان مصيري. لم يكن يعلم أن أحلامه وطموحاته ستصطدم بحرب مدمرة بعد أقل من شهر.
مع اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، وجد إبراهيم نفسه في قلب القصف العنيف على مدينة خانيونس، حيث تقيم عائلته في قرية عبسان الكبيرة القريبة من السياج الفاصل.
ويصف إبراهيم كيف ألقت قوات الاحتلال مناشير تهديد في 8 أكتوبر لإخلاء المنطقة. ورغم تمسكه بمنزله وذكرياته، أُجبر على النزوح في 10 أكتوبر تحت وطأة القذائف والقنابل الدخانية، متوجهاً إلى ما زُعم أنها “منطقة إنسانية” في وسط خانيونس، حيث أقام لدى صديق.
في 17 أكتوبر، وبعد أسبوع من الحرب، حوالي الساعة الثانية والنصف ظهراً، تغيرت حياة إبراهيم إلى الأبد. صاروخ يزن طناً كاملاً، استهدف منزلاً مجاوراً لمكان إقامته المؤقت، أدى إلى إصابته بشكل مباشر. يقول إبراهيم: “على الفور تم بتر ثلاث أطراف لي فوراً بسبب قوة هذه القنبلة”. ويضيف أنه بسبب قوة الانفجار، قُذف لمسافة 200 متر تقريباً إلى أرض زراعية خالية.
رغم فقدانه المؤقت للبصر، ظل وعيه حاضراً. بعد حوالي ساعة ونصف، سمع أصوات مسعفين يبحثون في المنطقة، فصرخ طالباً النجدة، يروي كيف أن المسعفين اعتبروه في البداية شهيداً لصعوبة المشهد، لكن إصراره على أنه حيٌّ وأن “الحياة ما زالت هنالك” دفعهم لإنقاذه.
نُقل إبراهيم إلى مستشفى ناصر الطبي في خانيونس، ومن ثم، بفضل جهود الملك محمد السادس والتنسيق بين وزارة الخارجية المغربية والسفارة الفلسطينية والحكومة المصرية، تم إجلاؤه أوائل نونبر 2023 إلى مستشفى العريش العام في مصر. هناك، وفي مستشفى السلام التخصصي بالقاهرة لاحقاً، خضع لأكثر من 50 عملية جراحية.
لاحقاً، تم تحويله إلى دولة قطر لاستكمال العلاج، خاصة العلاج الطبيعي والوظيفي وتركيب الأطراف الصناعية. يقول إبراهيم إن وقوفه على الأطراف الصناعية لأول مرة “بث في روحي الأمل من جديد، وأني أساعد نفسي على القيام في الحياة ليست الطبيعية 100% ولكن شبه الطبيعية”.
واليوم، يعود إبراهيم إلى المملكة المغربية، التي يكن لها حباً عميقاً ويعتبرها بلده الأول، حيث كان يزورها بانتظام قبل الحرب. يعبر عن سعادته الغامرة بالعودة، شاكراً قيادة وشعب المغرب، وعلى رأسهم جلالة الملك محمد السادس، على دعمهم المتواصل للشعب الفلسطيني ولمصابي غزة، وخص بالذكر تسهيل رحلة علاجه منذ خروجه من القطاع.
في ختام حديثه، أعرب إبراهيم قديح عن أمله في لقاء جلالة الملك محمد السادس لشكره شخصياً، مجدداً دعواته بالنصر لأهل غزة والرحمة لشهدائهم والشفاء لجرحاهم. قصة إبراهيم هي شهادة حية على الصمود الإنساني في وجه الأهوال، وعلى الأمل الذي يمكن أن يولد من رحم المعاناة بدعم الأشقاء والأصدقاء.