في حوار خاص مع موقع “فبراير”، اعتبر الأستاذ محمد غربي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أن الضربات الجوية التي استهدفت مواقع في إيران، والتي يُشتبه في ارتباطها بتطوير أسلحة نووية، جاءت لتقويض مسار التفاوض غير المباشر بين واشنطن وطهران، والذي كان يُجرى بوساطة عمانية.
وقال غربي إن هذه العمليات العسكرية، التي تزامنت مع الجولة الأولى من المحادثات الأمريكية الإيرانية، ساهمت في توقف الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الذي تم توقيعه سنة 2015 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، والذي ألغاه خلفه دونالد ترامب بعد سنة فقط من توليه الحكم.
وأضاف أن المواجهة التي تلوح في الأفق بين إيران وإسرائيل ليست مجرد احتمال عابر، بل تتخذ ملامح صدام إقليمي بين قوتين متصارعتين. مشيرًا إلى أن إسرائيل، المدعومة استراتيجياً من طرف الولايات المتحدة، ماضية في تنفيذ التزاماتها تجاه ما تعتبره تهديدًا وجوديًا لأمنها القومي، ولن تتراجع أمام أي تصعيد قادم.
وأوضح الأستاذ غربي أن العلاقة بين نتنياهو وترامب، رغم بعض الاختلافات في التكتيك، تظل قوية، معتبرًا أن المصالح الإسرائيلية والغربية ليست دائمًا متطابقة، لكنها تلتقي في اعتبار إيران مصدر تهديد مشترك، وخاصة منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2021.
وتابع أن ما أسماه بـ”أسطورة إيران ما بعد الثورة الإسلامية” بدأت تتهاوى، بعد أن ضعُف نفوذها في عدة ساحات إقليمية، من بينها غزة ولبنان واليمن. ورأى أن التمدد الإيراني الذي كان يقوم على بناء نفوذ داخل خمس دول عربية أصبح اليوم في تراجع واضح.
وأكد غربي أن الحديث عن انتصار إيراني في مواجهة إسرائيل غير وارد، نظرًا للفارق الكبير في موازين القوى، ولدعم إسرائيل الواسع من الحلفاء الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية. واعتبر أن الرئيس ترامب، المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، لن يسمح بأي توازن استراتيجي في المنطقة يكون لصالح طهران.
وختم حديثه بالتأكيد على أن هذه المواجهة الجارية قد تُفضي إلى رسم معالم شرق أوسط جديد، بتحالفات عسكرية مغايرة، وأهداف إقليمية مستجدة، رغم استئناف العلاقات بين السعودية وإيران برعاية صينية في أبريل 2023، مشيرًا إلى أن هذه العودة الدبلوماسية لم تُلغِ حقيقة التهديدات المتبادلة ولا الصراع الجيوستراتيجي العميق بين الطرفين.