أعلنت الخطوط الملكية المغربية عن تبنّي استراتيجية جديدة تروم تعزيز حضورها في الأسواق الدولية، في ظل تصاعد حدة المنافسة مع شركات الطيران منخفضة التكلفة، التي باتت تسيطر على جزء كبير من حركة النقل الجوي، سواء داخل أوروبا أو على مستوى الربط الجوي مع دول الجنوب.
وكشف الرئيس المدير العام للشركة، عبد الحميد عدو، في مقابلة صحفية مع شبكة CNN، عن معالم هذا التوجه الاستراتيجي الجديد، الذي يرتكز على إعادة توجيه أنشطة الشركة نحو أسواق واعدة وتكثيف الجهود لتعزيز موقع “لارام” كلاعب رئيسي في الربط الجوي بين القارات، خاصة بين أوروبا، إفريقيا، وأمريكا.
في تحليله لطبيعة المنافسة الحالية، أكد عدو أن الخطوط الملكية المغربية تواجه صعوبات متزايدة في مجاراة أكثر من أربعين شركة طيران منخفضة التكلفة، من أبرزها “رايان إير”، و”إيزي جِت”، و”Wizz Air”، التي تمكنت من التوسع في عدد من الوجهات الأوروبية مستفيدة من أسعار منخفضة وإعانات لوجستيكية في بعض المطارات.
هذا الوضع، حسب عدو، فرض على “لارام” مراجعة أولوياتها وتكييف نموذجها الاقتصادي مع التحولات الجارية في قطاع الطيران، وذلك عبر الانكباب على تطوير خدماتها في مناطق أقل تنافساً، لكنها أكثر استراتيجية، وفي مقدمتها القارة الإفريقية.
واعتبر المسؤول المغربي أن السوق الإفريقية، على الرغم من بعض التحديات المرتبطة بالبنية التحتية وضعف الربط الجوي داخل القارة، تُعد سوقاً واعدة بالنظر إلى النمو الديمغرافي والاقتصادي لعدد من الدول الإفريقية، مضيفاً أن “لارام” تملك من التجربة والخبرة ما يسمح لها بتعزيز مكانتها هناك، مستفيدة من شبكة خطوطها الرابطة بين دول الشمال والجنوب، والتي لطالما شكلت أحد نقاط قوتها التاريخية.
وفي سياق توسيع آفاق الشركة، أشار عدو إلى أن الخطوط الملكية المغربية تعتزم التوجه نحو محور جديد يتمثل في الربط بين أوروبا وإفريقيا من جهة، وأمريكا الشمالية والجنوبية من جهة ثانية، مع التركيز على استثمار الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب، وخاصة مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، الذي يُعد بوابة مثالية لعبور الرحلات الجوية العابرة للقارات. واعتبر أن هذا التموقع الجغرافي يُمَكِّن الشركة من اقتراح حلول نقل ذكية تجمع بين السرعة والنجاعة، خاصة في ظل محدودية العرض الموجه نحو أمريكا اللاتينية انطلاقاً من القارة الإفريقية.
وشدد الرئيس المدير العام لـ”لارام” على أن هذا التوجه التوسعي لا يمكن أن ينجح دون مواكبة استثمارية في جودة الخدمات وظروف السفر. ففي ظل اعتماد الشركة على طائرات صغيرة نسبياً، من طراز “بوينغ 737″، في عدد من الرحلات الطويلة، تبرز الحاجة إلى تحسين تجربة الزبناء من خلال توفير مقاعد أكثر راحة، وتطوير مقصورات رجال الأعمال بمعايير تضاهي ما تقدمه الشركات الكبرى، لا سيما عبر تجهيز الطائرات بمقاعد قابلة للتحول إلى أسرّة مسطحة “فلات سيت”، وتحسين الخدمات على متن الرحلات من حيث الضيافة والمحتوى الثقافي والترفيهي.
وإلى جانب التجهيزات والخدمات التقنية، أكد عدو أن العنصر البشري يظل من أهم مقومات التفوق، مشدداً على أن ما يميز “لارام” عن باقي الشركات المنافسة لا يقتصر فقط على شبكة الوجهات، بل يشمل أيضاً جودة الأداء وروح الفريق، والتي تعكس الثقافة المغربية في الضيافة والاحترافية. وأشار إلى أن عدداً متزايداً من المسافرين، خاصة من فئة رجال الأعمال والشتات المغربي، يبدون استعداداً لدفع أسعار أعلى مقابل خدمات تُراعي الرفاهية والأصالة.
واختتم عدو تصريحه بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستتطلب الكثير من المرونة والقدرة على الابتكار في نموذج العمل، خاصة في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها قطاع الطيران، وارتفاع متطلبات الزبناء، وتزايد الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة في تدبير الخدمات الجوية.
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن “لارام” مدعوة إلى استثمار رصيدها التاريخي، وشراكاتها الدولية، ورأسمالها البشري من أجل التموقع كفاعل وازن في مجال الطيران على مستوى القارات الثلاث: إفريقيا، أوروبا، وأمريكا.