ويؤكد مستخدمون ومختصون على حد سواء أن مواقع التواصل الاجتماعي تمارس تأثيرا قويا على سلوكيات الأفراد ونفسياتهم. وقد لوحظ أن الأطفال والمراهقين قد يتأثرون بمحتويات يشاهدونها عبر هذه المنصات، ويسعون لتطبيقها في محيطهم الأسري، حتى وإن كانت هذه المحتويات ضارة نفسياً وسلوكيا. هذا الاستخدام المفرط والعشوائي لمواقع التواصل الاجتماعي بات يشكل ضرراً كبيراً على المستخدمين، مما يستدعي تدخلاً مباشراً لمعالجة هذه الإشكالية المتنامية.
ومن جانبهم، يشدد مختصون على أن التعرض المستمر للمحتوى الرقمي، خاصة ذلك المرتبط بالمقارنات الاجتماعية السلبية والتنمر الإلكتروني، يساهم بشكل كبير في إضعاف المناعة النفسية لدى الشباب. ويفاقم هذا الاستخدام المفرط الشعور بالعزلة لدى المستخدم، وقد يؤدي تدريجياً إلى تطور اضطرابات مزمنة في المزاج والسلوك.
ويعتبر غياب برامج تعليمية وتوعوية تهدف إلى ترسيخ التعامل السليم والواعي مع هذه الشاشات سبباً رئيسياً في انتشار سلوكيات خاطئة. هذه السلوكيات قد تقود، في بعض الحالات، إلى اضطرابات نفسية وعصبية خطيرة.
من أبرز هذه الاضطرابات ما يُعرف بالأرق أو قلة النوم، وهو اضطراب يؤثر بشكل مباشر وسلبي على مرحلة النمو الحرجة التي يمر بها المراهقون، سواء على المستوى الجسدي، النفسي، العصبي، أو حتى العلائقي الاجتماعي. وتتجلى هذه التأثيرات في السلوك اليومي من خلال زيادة التوتر، العصبية المفرطة، تراجع الإقبال على الدراسة، وانخفاض التحصيل الدراسي.
بالإضافة إلى ذلك، يرتبط إدمان الهواتف الذكية بمجموعة من التداعيات النفسية الأخرى، تشمل القلق المستمر، ميول اكتئابية، وضعف في تقدير الذات. وفي بعض الأحيان، قد يؤدي هذا الإدمان إلى تحول الفرد إلى شخصية منقسمة، تتأرجح بين شخصيته الافتراضية وشخصيته الواقعية، مما يعمق الشعور بالانفصال عن الواقع والمجتمع.
أمام هذا الواقع الرقمي المقلق، تبرز الحاجة الملحة إلى تطوير وتنفيذ برامج توعوية شاملة تواكب التغيرات المتسارعة في نمط حياة الأجيال الصاعدة. فالتوازن بين الحياة الواقعية والافتراضية لم يعد مجرد خيار ترفيهي، بل أصبح ضرورة حتمية لحماية الصحة النفسية للمراهقين والشباب من مخاطر الانهيار، وضمان مستقبل أكثر صحة واستقراراً لهم.