دقت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبرانسي المغرب) ناقوس الخطر بشأن مصادقة الغرفة الأولى بالبرلمان على مشروع قانون المسطرة الجنائية بالصيغة التي قدمتها الحكومة.
وأعرب أحمد البرنوصي، نائب الكاتب العام للجمعية، عن أسفه العميق لعدم الأخذ بعين الاعتبار المواقف “المشرفة” لهيئات دستورية وازنة كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والهيئة الوطنية للنزاهة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للحسابات، والتي أبدت تحفظات جوهرية على المشروع، معتبرةً إياه “ضرباً في الدستور وفي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب”.
وأوضح البرنوصي أن الجمعية، بعد “خيبة الأمل” من قرار الغرفة الأولى، قررت التحرك لتدارك الأمر في الغرفة الثانية (مجلس المستشارين).
وفي هذا الإطار، تم “تشكيل نسيج جمعوي” يضم مجموعة من الجمعيات المغربية الفاعلة في مجال مكافحة الفساد، بهدف توحيد الجهود لمواجهة ما وصفه بـ”الانزلاق التشريعي”.
وكشف نائب الكاتب العام لـ”ترانسبرانسي المغرب” عن خطة تحرك تشمل إجراء اتصالات مكثفة مع لجان التشريع والفرق البرلمانية بمجلس المستشارين، بالإضافة إلى إعداد “تقرير للمرافعة” ضد المادتين المثيرتين للجدل لتقديمه للمستشارين والصحافة والمهتمين.
كما يعتزم النسيج الجمعوي تنظيم ندوة صحفية “فيما قريب” لتنوير الرأي العام، بالتزامن مع وقفة احتجاجية أمام البرلمان خلال مناقشة المشروع بالغرفة الثانية.
وشدد البرنوصي على أن المطلب الأساسي لهذا التحرك هو “الحذف التام” للمادتين المعنيتين. ووجه انتقادات للحكومة الحالية، مذكراً إياها بوعودها في التصريح الحكومي بجعل محاربة الفساد “أولوية”. ودعا الحكومة إلى احترام الدستور والعمل على تقديم مشاريع قوانين أساسية لمكافحة الفساد، بدلاً من إقرار نصوص قد “تلجم مساهمة المجتمع المدني” في هذا المجال.
وفي هذا السياق، طالب المتحدث الحكومة بالتعجيل بتقنين تضارب المصالح، وتجريم الإثراء غير المشروع، ومراجعة القوانين غير الفعالة حالياً، وعلى رأسها قانون حماية فاضحي الفساد وضحاياه، وقانون التصريح بالممتلكات الذي “لم يعد فعالاً” ولا يزال ورقياً، وهو ما يستدعي تحديثه بما يتماشى مع التطور الرقمي، كما طالب بذلك المجلس الأعلى للحسابات.
وحذر البرنوصي من أن إقرار هاتين المادتين سيفاقم من مشكلة الفساد في المغرب، والذي يكلف الاقتصاد الوطني حالياً حوالي “50 مليار درهم” سنوياً حسب التقارير. وأكد أن هذا الأمر سيؤدي إلى “زيادة الفقر وتعميق الفوارق الاجتماعية”، وهو ما يتعارض مع أهداف النمو الاقتصادي والاجتماعي للمملكة.
واختتم البرنوصي تصريحه بالإشارة إلى ضيق الوقت، حيث من المتوقع أن تتم المصادقة النهائية على مشروع قانون المسطرة الجنائية بنهاية شهر يونيو الحالي، معرباً عن أمله في أن “يستمع السادة البرلمانيون في الغرفة الثانية لنداء المجتمع المدني”.