الرئيسية / دولي / ستيفن كولينسون: ترامب يكتشف حدود القوة الأمريكية في عالم لا يخضع لابتزاز الرؤساء

ستيفن كولينسون: ترامب يكتشف حدود القوة الأمريكية في عالم لا يخضع لابتزاز الرؤساء

الرسوم الجمركية الصين- ترامب
دولي
راوية الذهبي 18 يونيو 2025 - 22:00
A+ / A-

نشر الصحفي والمحلل السياسي ستيفن كولينسون مقالا تحليليًا على شبكة CNN سلّط فيه الضوء على الإخفاقات المتراكمة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مجال السياسة الخارجية، مشيرًا إلى أن طموحات الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة لإعادة صياغة النظام العالمي تصطدم بواقع معقد، حيث لم تعد العلاقات الدولية تُدار بالهيبة الرئاسية أو العلاقات الشخصية، وإنما بمنطق المصالح الصلبة والخيارات الاستراتيجية طويلة الأمد.

ويقول كولينسون إن ترامب، الذي يتمتع بإحساس عالٍ بالقدرة المطلقة أكثر من أي من أسلافه مؤخرًا، يكتشف أن بعض الزعماء في هذا العالم لا يخضعون بسهولة لتهديدات أو ضغوط البيت الأبيض. فبينما يستطيع التأثير على شركات التكنولوجيا الكبرى أو الضغط على مؤسسات أمريكية مثل جامعة هارفارد أو القضاء، فإن قادة مثل فلاديمير بوتين وشي جين بينغ يثبتون أنهم أكثر تعقيدًا وأقل قابلية للترهيب.

ففي الملف الروسي، يتحدث الكاتب عن تجاهل متكرر من الرئيس الروسي بوتين لمحاولات واشنطن إنهاء الحرب في أوكرانيا، بل إن الإعلام الروسي بات يصوّر ترامب على أنه “كثير الكلام قليل الأفعال”، رئيس يُهدد لكنه لا يفرض عواقب، ويغض الطرف عند المواجهة.

أما مع الصين، فقد حاول ترامب فرض إرادته على شي جين بينغ من خلال حرب تجارية صاخبة، لكنه أخطأ فهم طبيعة النظام السياسي الصيني، الذي لا يمكن لقادته أن يُظهروا أي خضوع لرئيس أمريكي أمام الرأي العام المحلي. ويشير كولينسون إلى أن المسؤولين الأمريكيين باتوا محبطين من عدم وفاء الصين بالتزاماتها التي كان يُفترض أن تُسهم في تهدئة التوترات التجارية.

ولم تكن أوروبا خارج هذا السياق، إذ اضطر ترامب إلى التراجع في مواجهته الجمركية مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفع أحد كتاب “فايننشال تايمز”، روبرت أرمسترونغ، إلى نحت مصطلح ساخر وصف به سياسة ترامب التجارية بـ “TACO trade”، أي: “ترامب دائمًا يتراجع”.

وفي الشرق الأوسط، ورغم التحالف الوثيق الذي جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال ولايته الأولى، يواجه ترامب اليوم معارضة صريحة لمساعيه لإحياء اتفاق نووي جديد مع إيران. فنتنياهو، الذي يرى في استمرار الحرب على غزة ضرورة وجودية لبقائه السياسي، لا يجد مصلحة في تقليص حدة التوتر مع طهران في لحظة يراها فرصة استراتيجية لاستهداف منشآتها النووية.

ويبرز كولينسون أن زعماء العالم، من موسكو إلى بكين، ومن تل أبيب إلى بروكسيل، يتحركون وفق أجندات وطنية طويلة المدى، لا تُراعي الدوافع الشخصية أو التصورات قصيرة الأمد التي تحرك الرؤساء الأمريكيين. ومع محاولات ترامب المتكررة لإذلال كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، فقدت مؤسسة الرئاسة الأمريكية بريقها، وأصبح وهج البيت الأبيض أقل تأثيرًا مما كان عليه.

ويُذكر بأن ترامب أمضى شهورًا من حملته الانتخابية الأخيرة متباهيًا بعلاقاته “الجيدة جدًا” مع بوتين وشي، مدعيًا أن هذه العلاقات الشخصية كفيلة بحل أكثر الأزمات العالمية تعقيدًا. غير أن التاريخ أثبت أن الرؤساء الأمريكيين، من جورج بوش الابن إلى باراك أوباما، وقعوا في نفس الوهم — فبوش “رأى روح بوتين في عينيه”، وأوباما قلّل من شأن روسيا، ليصدم لاحقًا بضم القرم.

وعلى مدى العقدين الأخيرين، تصرف رؤساء أمريكا وكأنهم “رجال قدر”، لكن الواقع خالف التوقعات. فجورج بوش، الذي دخل البيت الأبيض عازفًا عن لعب دور “شرطي العالم”، انتهى به الأمر إلى شنّ حروب في أفغانستان والعراق. أما أوباما، فحاول تقديم نفسه كجسر نحو “بداية جديدة” مع العالم الإسلامي، لكنه لم يحقق الكثير من التغيير الملموس. في حين رفع جو بايدن شعار “عودة أمريكا”، لكن رغبته في الترشح لولاية ثانية أضعفت حضوره الدولي وأعادت ترامب إلى المشهد.

وفي الختام، يؤكد كولينسون أن ترامب، بسياسة “أمريكا أولاً”، يعيد إنتاج سردية مفادها أن بلاده كانت ضحية للنظام العالمي، متجاهلًا أنها هي من صاغت هذا النظام واستفادت منه لعقود. ومع تصاعد خطابه العدواني، وتآكل أدوات الإقناع الأمريكية، يبدو أن زعماء العالم يدركون اليوم أن ترامب ليس بالقوة التي يتخيلها، وأن تحدّيه لا يكلّفهم الكثير، بل يُملي عليهم الواقع الداخلي في بلدانهم مقاومته بشكل حتمي.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة