على هامش فعاليات المناظرة الوطنية الخامسة للاقتصاد التضامني والاجتماعي، قدم منتصر الزهراوي، المستشار في شركة “MF STRATEGY”، مداخلة ركزت على فلسفة التنمية المستدامة، مؤكداً أن الاستثمار في الإنسان هو حجر الزاوية لتحقيق أي نجاح حقيقي ومستدام.
تحت شعار “بناء الإنسان قبل البنيان”، ميز الزهراوي بين نوعين من الهشاشة التي تواجه المشاريع التنموية. وأوضح قائلاً: “هناك هشاشة لا تُرى بالعين المجردة، وهي الأخطر، تتمثل في هشاشة المبادئ، وضعف الثقة في النفس، وغياب الإيمان بالقدرات الفردية والجماعية. وهناك هشاشة أخرى مرئية، وهي نقص الإمكانيات المادية، والتي أعتبرها ثانوية”.
وشدد الزهراوي على أن توفير الدعم المادي لمجموعات تفتقر إلى الرغبة والثقة بالذات غالباً ما يبوء بالفشل، حيث يصبح “ضعف البناء الإنساني حاجزاً يمنع التطور وخلق الإنجازات”.
في المقابل، ساق الزهراوي مثالاً حياً من مدينة أكادير لتعاونية نسائية انطلقت بإمكانيات مادية وتعليمية بسيطة جداً. هؤلاء النساء، بفضل إيمانهن العميق بقدراتهن وروح التكامل بينهن، حولن التحدي إلى فرصة. لقد نجحن في إنتاج منتج مبتكر وبسيط، وهو “رشيم القمح والشعير”، وهو منتج طبيعي غير مكلف.
المفاجأة لم تكن في نجاحهن المحلي، بل في قدرتهن على اختراق أسواق دولية شديدة التنافسية مثل السوقين الأمريكي والكندي، وهي أسواق تجد حتى المقاولات الكبرى صعوبة في الوصول إليها. وعلق الزهراوي قائلاً: “سر نجاحهن كان تلك الثقة في النفس والإيمان بالقدرات. النقص في الإمكانيات لم يكن عائقاً، بل كان محفزاً دفعهن للإبداع وخلق أساليب إنتاج وتسويق لم تكن موجودة من قبل”.
زأشاد الخبير الاستراتيجي بالتوجه الملكي الجديد وبما أوضحه رئيس الحكومة، واصفاً الرؤية الجديدة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بـ “الثورية”. وأضاف: “هذه النظرة الجديدة تعيد الكرامة للإنسان. الموضوع لم يعد مساعدة الفقير، بل هو الاعتراف بقدرات كل مواطنة ومواطن”.
وأكد أن الرسالة الأساسية للمناظرة هي أن كل فرد في المجتمع يمتلك إمكانيات وقدرات، وأن المجال مفتوح للجميع للإبداع والخلق والابتكار.
واختتم الزهراوي مداخلته برسالة تفاؤل قوية، داعياً المواطنين والمواطنات إلى استغلال هذا المناخ الإيجابي للمساهمة في بناء الوطن والتفوق على المستوى الدولي، مؤكداً أن الرغبة والحماس والإيمان بالذات هي الوقود الحقيقي الذي يمكن أن يصل بالمشاريع المحلية البسيطة إلى العالمية.