الرئيسية / أقلام الحقيقة / بقايا حلم في جيب "البيجامة"

بقايا حلم في جيب "البيجامة"

بقايا حلم في جيب "البيجامة"
أقلام الحقيقة
حسن بلعربي 20 يونيو 2025 - 22:00
A+ / A-

بقايا حلم في جيب “البيجامة”

استيقظ صباحًا على دفء الشمس يتسلل من نافذة غرفته، يضرب وجهه بإلحاح، كأنها تحاول إيقاظه بعد خيانة منبّه غادر. كانت الساعة تشير إلى الثامنة. قفز من فراشه متوترًا، ليس من عادته التأخر عن العمل. هرع إلى الحمام، ووقف تحت الماء البارد الذي اندفع على جسده كصفعة، لكنها صفعة أيقظت فيه شيئًا آخر. تذكّر، فجأة، أن اليوم عطلة. تنفّس الصعداء، وابتسم في سرّه. قرر أن يطيل لحظة الانتعاش تلك، مستمتعًا بخيوط الماء وكأنها تغسل عنه كل القلق.
جفف جسده، ثم سقط بجسده فوق الأريكة قبالة التلفاز. راح يتنقّل بين القنوات بملل، باحثًا عن شيء يُبقيه مشدودًا دون جدوى. كل شيء بدا مبتذلًا، فارغًا. فكر في الهروب. أمسك دفتره وقلم الرصاص، وخرج متجهًا إلى المقهى الذي يحب.

جلس على طاولته المعتادة في ركن المقهى الخافت الإضاءة. الهواء معبّق برائحة البن المحمص. نادى النادل بنبرة متعبة لكنها حازمة:
. – قهوة سوداء وقنينة ماء، من فضلك
هزّ النادل رأسه دون أن ينطق، على غير عادته. كان عادةً ثرثارًا. ربما أفسد أحد الزبائن صباحه. جلس الكاتب يحتسي قهوته، وبدأ يكتب، كعادته في الإجازات؛ يسجل شذرات ذاكرة، صورًا، قصصًا… لا يهم الترتيب، المهم أن يكتب.
وبين سطر وآخر، شعر بأن هناك من يحدّق فيه. تجاهلهم. الإلهام حين يأتي لا يحتمل المقاطعة. لكنه بعد وقت لا يعرف كم مضى منه، أحس بجوع مفاجئ. رفع عينيه، فإذا بالمكان قد خلا تمامًا، والكراسي مقلوبة على الطاولات. نهض متفاجئًا، وتوجه نحو النادل.
كم الحساب، يا خوان؟–
يورو وخمسة وخمسون سنتًا، سيدي..–

مدّ يده إلى جيب سرواله… لكنه لم يجد سروالًا، فقط قماش بيجامة خفيفة! الآن فقط أدرك سرّ تلك النظرات الغريبة. شعر بحرارة الخجل تعتصره. راح يفتّش جيوب الجزء العلوي من بيجامته حتى وجد ورقة نقدية من فئة خمسة يورو. ناولها للنادل، الذي أعاد إليه الباقي: اثنين يورو وخمسة وأربعين سنتًا.

عند الباب، باغته المطر. نظر إلى السماء بدهشة، ثم إلى النادل، الذي قال:
.آسف، لا أملك مظلة… لم يتوقّع أحد مطرًا في منتصف الصيف–
خرج يركض، غير عابئ بالماء الذي غمره. ورغم ابتلاله، شعر بدفء داخلي غريب. ومع كل خطوة، كان مستوى الماء يرتفع. تباطأت حركته، إلى أن سقط فجأة في حفرة عميقة، عرف فورًا أنها بالوعة. حبس أنفاسه، ثم دفع بجسده صاعدًا بقوة. وعندما خرج رأسه من الماء، وجد نفسه واقفًا وسط صالة بيته، يلهث، غارقًا في العرق.
يا إلهي… كابوس!–

تهالك على الأريكة مجددًا، ولما هدأ قلبه، نهض واتجه إلى الحمام. دوش بارد أعاد إليه شيئًا من التوازن. وبينما كان يلتقط ملابسه الملقاة أرضًا، سمع صوت ارتطام عملات معدنية. تتبّعها حتى توقفت، وجلس يعدّها: قطعتان من فئة يورو، اثنتان من فئة 20 سنتًا، وأخرى من فئة 5 سنتات… اثنان يورو وخمسة وأربعون سنتًا.
ابتسم….

هل كان ما حدث حلمًا، أم أن الحلم بدأ للتو؟

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة