الرئيسية / 8 مارس / ريم نجمي: الكتابة في المهجر ليست ترفا.. إنها حاجة وجودية

ريم نجمي: الكتابة في المهجر ليست ترفا.. إنها حاجة وجودية

8 مارس ثقافة و فن
فبراير.كوم 28 يونيو 2025 - 21:00
A+ / A-

اعتبرت الروائية ريم نجمي، المقيمة في المهجر، أن الكتابة بالنسبة للغريب والمنفي والمهاجر ليست ترفًا فنيًا، بل ضرورة وجودية تعيد له اسمه ووجهه وصوته وذاكرته المفقودة. وقالت، في مداخلة مؤثرة، إن الكتابة عن الهجرة، سواء انبثقت من تجربة ذاتية أو من خلال إنصات عميق لمعاناة الآخرين، تشكل أداة لتفكيك الصور النمطية التي كرستها السياسة والإعلام وخطابات غير متسامحة، وتعيد للإنسان قيمته الفردية التي تُسلب منه حين يتحول إلى رقم أو ملف إداري.

واستشهدت نجمي برواية “عداء الطائرة الورقية” لخالد الحسيني، معتبرة أنها تمثل نموذجًا لإعادة الاعتبار للمهاجر ككائن إنساني يحمل وجعًا وهوية وانكسارًا، وليس مجرد حالة طارئة أو عابرة.

وأكدت أن الكتابات الصادقة التي تخرج من عمق التجربة، تكسر هذا التعتيم وتعيد الإنسان إلى صلب الحكاية، مشددة على أن الهجرة حين تُكتب من الداخل، لا تعني فقط عبور الحدود، بل عبور الهويات والمسافات والتناقضات.

وتحدثت عن لحظات شخصية عاشتها في بداية هجرتها، مثل ارتباكها أمام آلة بيع التذاكر في محطة قطار بمدينة بون، أو رعشة صوتها حين طلبت الخبز بالألمانية لأول مرة، أو الوحدة القاسية التي كانت تشعر بها عند عودتها مساءً إلى غرفة الطلبة حيث لا أحد بانتظارها. وأوضحت أن هذه اللحظات الصغيرة، وإن بدت عابرة، تختزن تجربة كثيفة لا تُدوّن لتوثيق التاريخ، بل لإعادة تشكيل الذاكرة وإعطاء معنى للزمن في سياق الترحال.

وأكدت نجمي أن السرد هو وسيلة لخلق تعاطف عابر للثقافات، يربط بين الغريب والمقيم، وبين من يعيش تجربة الهجرة ومن لم يغادر وطنه قط. واستحضرت في هذا السياق إعجابها بالكاتب الأمريكي بول أوستر، الذي رغم أنه لم يكن مهاجرًا، نجح في التعبير عن مشاعر الضياع والعزلة بشكل جعل مهاجرة مغربية في برلين تجد في كتاباته لغة للتعبير عن ذاتها. واعتبرت أن هذه هي قوة الحكاية، التي لا تفتح الحدود بالمعنى السياسي، ولكنها تفتح النوافذ على الآخر، وتُعيد النظر في الذات من خلاله.

وتوقفت عند أهمية الكتابة الإبداعية كوسيلة لمقاومة التبسيط والتجريد، مؤكدة أن ما يُكتب بإحساس عميق يحرر المهاجر من الحاجة إلى شرح نفسه كل صباح. وقالت إن الكتابة لا تبرر الهجرة ولا تستخف بها، لكنها تمنح من يعبر الزمان والمكان شيئًا من الإنصاف الرمزي، عبر استعادة كرامته الفردية. وتابعت: “في البداية، كنت أبحث عن المقص الكبير الذي يقطع الخريطة بين الرباط وبرلين، أما اليوم، فقد صارت الكتابة هي المقص، والذاكرة هي الخيط، وأنا نفسي أصبحت الخريطة”.

وفي ردها على سؤال حول الانتقال من الشعر إلى الرواية، قالت نجمي إن تجربة الهجرة لعبت دورًا حاسمًا في هذا التحول، لأن القصيدة لم تعد تتسع لرغبتها في الحكي. وأشارت إلى أن الجانب النسوي كان أيضًا دافعًا للكتابة الروائية، مستعرضة ظاهرة أثارت انتباهها خلال الإقامة في ألمانيا، وتتعلق ببعض الرجال العرب الذين يتزوجون نساء أوروبيات، ثم يصطدمون باختلافات ثقافية تجعلهم يفكرون لاحقًا في العودة إلى الزواج التقليدي. وأكدت أن هذه الظاهرة الاجتماعية، رغم خصوصيتها، دفعتها إلى مساءلة بعض البنى الثقافية من موقعها ككاتبة مهاجرة، لتواصل من هناك مسيرتها الروائية.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة