الرئيسية / أقلام الحقيقة / أحمد الدغرني: البدائل السياسية الممكنة بعد ثورات2011

أحمد الدغرني: البدائل السياسية الممكنة بعد ثورات2011

أقلام الحقيقة
M.Kraymi 04 مارس 2015 - 18:15
A+ / A-

برزت في ساحة الواقع السياسي سنة 2011 معطيات جديدة في شمال إفريقيا والساحل والشرق الأوسط تتلخص في حتمية تغيير الأنظمة التي كانت قائمة في لائحة من البلدان، حدث فيها التغيير دفعة واحدة (تونس، مصر، ليبيا، اليمن، المغرب جزئيا، الجزائر جزئيا وسوريا جزئيا، مالي وبوركينافاسو وإفريقيا الوسطى ورواندا…).

وكانت سياسية هذه البلدان مبنية على قاعدة سياسة تظهر سطحيا أنها صلبة ومتينة غير قابلة للتغيير ولا للإصلاح، سواء في نظر الشعوب التي تعارضها حتى سخفت، ولم تسقطها ولم تصلحها قبل سنة2011، أو في نظر الدول الكبرى القوية في العالم التي تستغل الاستقرار وتدعمه وتتاجر به، وأغلب هذه البلدان على رؤؤسها حكام قضوا في الرئاسة مدة طويلة، وكانت التغطية السياسية القوية لتلك الأنظمة التي شملها التغيير هي ما يسمى “الاستقرار”.

ولابد، هنا والآن، من الإشارة إلى أن الاستقرار يختلف في ذهن كل من يستعمل هذه الكلمة ذات العمق السياسي الخطير، وذهن كل من يعترف بها كضرورة سياسية ضد التغيير أو مجرد الإصلاح، فرؤساء الأنظمة وأتباعهم الذين لازال لم يشملهم التغيير يعنون بها فقط استقرار الحكم في أيديهم ودوام رؤسائهم ومصالحهم وأحزابهم، وحمايتهم بواسطة الدول القوية في العالم، ومن يعاني منها يفهم ضرورة تغييرا للأنظمة، والسعي إلى استقرار من نوع آخر، وهو ما نقصده بالبديل الممكن الوارد في العنوان، ويمكن استنتاج قاعدة سياسية منهجية ذهبية، وهي أن الصراع بين متناقضات قائمة ومستمرة في البلدان التي أشرنا إليها وهي أربعة “الاستقرار” Stabilitéو”التغيير” Changement ويبرز بجانب هذين المتناقضين مبدأ ثالث جرفه الصراع بين الاثنين وهو”الإصلاح” Réforme والتغيير أيضا يختلط بمفهوم يصاحب التغيير وهو”عدم الاستقرار”Instabilitéولمن يريد أن يوجد منهجية لفهم هذه المتناقضات أن يرجع مثلا إلى حالة أي واحد من تلك البلدان ماذا كان يعني فيها الاستقرار سياسيا واقتصاديا قبيل بداية سنة 2011؟ أي الرجوع إلى ما قبل بداية2011 بحوالي خمس سنوات للنظر في ما وصل إليه كل من الإصلاح والاستقرار، والتغيير، وعدم الاستقرار في البلدان التي فاجأ ما وقع فيها كل الذين يعيشون في ظل المتناقضات الأربعة، ولا بأس لمن سيركز ذهنه على الفهم والتحليل لهذه المفاهيم الأربعة أن يرجع إلى أكثر من خمس سنوات لكي لا يضيع منه رأس خيط السياسة الساخنة والجديدة، لأن تحديد الزمن حسب منهجية هذا المقال هو مجرد نموذج في هندسة السياسة (مثلا تاريخ سقوط حكم حزب البعث بالعراق فبراير 2003 وتفجيرات الدار البيضاء 16ماي 2003) ولنأخذ المغرب كمثال، ليصبح الرجوع إلى الوراء يقف عند سنة 2006 بالمغرب وفيه يبتدئ ما سمعه الناس من تحويل جزء من النخبة الحاكمة والتجارية المغربية وأثرياء اليهود أموالها إلى سويسرا (راجعوا على الإنترنيت قضية Suissleaks) وفيها صدر بالمغرب قانون الأحزاب الجديد (14قبراير2006)، وقليل من المغاربة من يعرف خطر هذا القانون الذي أنتح الخلل الحزبي الذي نشاهده اليوم، وأيضا الانتباه بالنسبة للأموال بالمغرب إلى سن قوانين. Off shoring وقاعدة سياسية ذهبية ثانية وهي “استحالة العمل بسياسة البلد الواحد” ونعني بالضرورة كل أنواع السياسة، كالاقتصاد والمالية واللغات،والوحدة الترابية وسياسة الجهات ونعني مثلا أن المغرب لا يمكن أن يخطط سياسته وحده، ومثلا أن يضع أثرياء الداخل أموالهم في بنك داخل بلدهم أو خارجها ولو بتغطيتها في تحويل الأموال إلى دول أفريقية ( تنظيم القاعدة مثلا بدأ من السعودية ثم اشتهر عالميا بتفجير World Trade center في نيويورك في 11شتنبر 2001، والشيعة الإيرانية تعززت بدولة الحوتيين باليمن (وهم في الأصل تنظيم سياسي يحمل اسم “حركة أنصار الله” تأسست سنة 1992 وتاريخهم متقارب مع تاريخ تأسيس الشبيبة الإسلامية بالمغرب 1971 والتي كان ينتمي إليها أغلب قادة PJD اليوم وحزب الله قويا في لبنان.. وتهديد مملكة البحرين باقامة دولة إسلام شيعي في البلد).

كانت هذه الفقرات الأولى من المقال ضرورية قبل المرور الى تناول مشكلة البدائل الممكنة، فبدون تحليل بنيوي للأحداث السياسية المترابطة المنتشرة على خريطة كبرى تشمل شمال أفريقيا والساحل والشرق الأوسط والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وآسيا الوسطى، وأقصد بالبدائل الممكنة في مدة زمنية تبتدئ سنة 2011، وتبدو نهايتها بعيدة في الزمان والأمكنة وتتمدد نحو المستقبل، ولا بد لمن سيلاحظ تركيز هذا المقال على سنة 2011 كمنطلق تاريخي عالمي أن يعتبر أن سنة 1991هي النموذج القريب زمنيا لفهم بدائل ما بعدها حتى سنة 2015، ولا يفصلها عن سنة2011 سوى 20سنة سابقة(15دولة جديدة ولدت من انحلال الاتحاد السوفييتي و8 دول جديدة ولدت من انحلال يوغوسلافيا).

البدائل الممكن تصورها بمنهجية ملاحظة المفاهيم الأربعة والاستنتاج من الواقع لما بعد سنة2011 تتلخص في:

1- إقامة أنظمة حكم ديمقراطي بالمفاهيم الأصلية للديمقراطية كما نشأت في أوروبا وشمال أمريكا، وهذا النوع يجد تجربة ملموسة في بعض الأنظمة الجديدة التي قامت في أوروبا وآسيا الوسطى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي (دجنبر 1991وقيام 15دولة جديدة على أنقاضه) بشكل يشبه ما وقع سنة 2011 في أفريقيا والشرق الأوسط ( لننظر أيضا شمال البحر الأبيض المتوسط بتقسيم فيدرالية يوغوسلافيا ).

2-إقامة أنظمة حكم مستمدة من الإسلام يميزها إعلان الدولة كلها إسلامية، وتلخصها الخلافة الإسلامية كمصطلح سياسي قديم ظهر في منتصف القرن الثامن الميلادي.

3–إقامة أنظمة حكم خليط بين الإسلام ونظم أخرى كالديمقراطية والاشتراكية العسكرية، يميزها تبني الإسلام كدين رسمي للدولة (تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا مثلا).

4-إقامة أنظمة عسكرية (مصر مثلا حالة ثورة في بطنها كنتيجة قيام سلطة عسكرية) ويميزها وجود ضابط على رئاسة الدولة بعد أن ينزع لباسه العسكري كما يفعل في بيت نومه، وكون الجيش هو عماد الحكم.

لكل واحدة من هذه الأنواع الأربعة وجود شعبي وأنصار، وتجارب تطبيقية، ولكنها تتناقض فيما بينها، وحولت التجربة السياسية إلى صراعات دموية، وهو ما يفسر الحرب بين العسكر والإخوان المسلمين بمصر، وداعش ISIS مع بشار الأسد، ثم مع العالم بعد ثلاث سنوات).

لكن البدائل الأربعة كشفت عن بديل خامس يصاحبها كلها وهو حتمية تقسيم الدول التي سقطت رؤوسها وأنظمتها وظهور مشاريع دول جديدة،(التقسيم الثلاثي لدولة ليبيا، واستقلال جنوب السودان، وظهور دولة ازاواض في مالي، وتأخر الحل النهائي لقضية الصحراء بالمغرب وما يحتمل أن يحدثه الانقسام المذهبي والشيعي في إفريقيا والشرق الأوسط واستقلال الأمازيغ في المناطق التي تتوفر منهم على كثافة سكانية مهمة وانقسام نيجيريا والصومال) مهما كان نوع البديل من الأربعة فما هو العامل الثابت في عنصر التغيير؟

يبدو أن هذا العامل الأساسي المؤثر هو سهولة تحول ما هو محلي إلى ما هو أوسع قد يكون بلدا بكامله أو قطرا أوقارهContinent أو العالم بأسره، وعندما نطرح البدائل ونحدد أنواعها تطرح تلقائيا وكنتيجة كيفية تطبيق البدائل، ونعني كيفية قيام وتشخيص أحد منها بالعنف أو بدون عنف؟ تسيطر على الأبحاث العلمية وأبحاث المخابرات والسياسة التقليدية فكرة “الإرهاب” وهي سهلة الاستعمال ،وتدرس وتطبق في المغرب وكثير من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط مثلا كمواد من القانون الجنائي وهي الفرصة الممكنة الوحيدة للدراسة القانونية، ويتبعها مفهوم سياسي ومخابرتي وعسكري شائك وهو “محاربة الإرهاب”.

وختاما فهذه معطيات لن يستسيغ البعض سماعها ولا قراءتها، وخاصة من يرتاح على مصيره ومستقبله، ولكنه لن يفلت براحته من معطيات الواقع الحاضر والمستقبل.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة