بعد الحدث الخطير الذي عاشه شوقي بنيوب وامبارك بودرقة بالسجن المحلي بالعيون، لدرجة كاد يفقد بنيوب حياته في ذات السجن بسبب سجناء أطروحة الإنفصال الذين حاولوا اعتقاله بينهم، كما أشرنا إلى ذلك في مقال سابق، سينجو شوقي بنيوب من موت ممحقق، حينما كان عائدا من مهمة كلفه بها إدريس بنزكري تتعلق باستخراج الرفات من مكان قريب من المركزين السريين في كل من قلعة مكونة وأكدز.
كانت البعثة، كما يروي بودرقة وبنيوب في مذكراتهما بعنوان «كذلك كان»، تتكون من خديجة الرويسي وفريق الطب الشرعي، وقد التحق بهما حميد الكام والدكتور مصطفى دانيال.
في نهاية اليوم الثالث من المهمة، اقترحت الرويسي على بنيوب زيارة معتقل قلعة مكونة من الداخل، وهي العملية التي تمت، وفي لحظة الخروج منه، والتي صادفت بداية الغروب توجه إليهما فقيه من حفظة القرآن، ممن رافقوا البعثة أثناء استخراج الجثامين وإعادة الدفن، ورتب على كتف شوقي بنيوب :”إن سيدي ربي هو الذي سيحفظكم».
انتقل الجميع من ورزازات إلى مطار البيضاء، ومنها إلى الرباط عبر سيارة، حيث أخذ السائق طريق اتجاه ساحة الشهداء مقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عبر الطريق الشاطئية، فاستفسره شوقي عن هذا المسلك، في الوقت الذي كان الشارع الرئيسي وسط المدينة ميسرا، فأجابه :«سنصل».
كانت الطريق الشاطئية تعج بالمارة، تقول المذكرات دائما، وما هي إلا لحظة، حتى قام السائق يتجاوز معيب في الخط المتصل، ففوجئ الجميع بسيارة قادمة من الاتجاه المعاكس، ولم يبق أمامه إلا أن يدوس بقوة الحصار، فإذا بها تنقلب مرتين جهة البحر، حينها سيخاطب شوقي خديجة قائلا:«سنكون طعاما للسمك هذه الليلة!، فأجابته: «وهل لا زالت لديك القدرة على الهزل؟».
وتشاء الألطاف الإلهية أن تستقر السيارة على مسافة متر واحد من مرتفع صخري بعمق 12 متر، يطل على البحر، كان عنق السائق تحت الدواستين، تمكن شوقي بنيوب من فتح النافذة الجانبية التي انقلب اتجاهها إلى الأعلى، ونادى المتواجدين بعين المكان، وعملوا على إعادة السيارة إلى الجهة الأخرى، وبعدها مباشرة سيتصل ببيودرقة مخبرا إياه بالوضع، وفي أقل من 20 دقيقة، وصلت سيارة الإسعاف وطلب شوقي طاقمها المسعف أن ينقل السائق وخديجة الرويسي، وظل صوت هذه الأخيرة يترجى الممرض، أن يحمل شوقي كذلك معهما، ولكن هذا الأخير رفض، وظل يستدعي دعاء الفقيه السوسي كعلامة دالة على الألطاف الإلهية …