الرئيسية / نبض المجتمع / شرع اليد و"قضاء الشارع".. تكريس الفوضى ونهاية المجتمع المنظم

شرع اليد و"قضاء الشارع".. تكريس الفوضى ونهاية المجتمع المنظم

مهاجمة طالبة
نبض المجتمع
أحمد إدالحاج 04 يونيو 2018 - 16:32
A+ / A-

كثيرة هي الأحداث التي تطفو على الساحة الوطنية المغربية، ويتعامل مع الشارع بمنطقين مختلفين، فإما بالاجتهاد الذاتي وهو اتفاق جماعة على تنفيذ حد أو قانون عرفي على جهات وقعت في المحضور، هذه الأحكام عادة لا تستند إلى منطق قضائي، أحكام لا يصدرها القانون، بل هي وليدة أعراف ارتبط وجودها بالمجتمعات البدائية.

زوبعة من الأحداث والتعليقات تناثرت في الأفق، بعد انتشار فيديو  على مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص مدججين بالعصي، في حالة هجوم على شابة وسائق، ضربوهما حتى سالت الدماء من وجه الفتاة، حيث احتكم الشبان إلى قضائهم وقضاء “شرع اليد” وتجاهلوا القضاء والقانون، وتجاوزا الحدود إلى المساس بحرية الآخرين.

“شرع اليد” بين الدين والمجتمع

علي الشعباني أستاذ في علم الاجتماع أكد في تصريح لـ”فبراير” على أن قضية شرع اليد في المجتمع المغربي، يمكن تحليلها من زوايا مختلفة، سواء الاجتماعية أو الدينية الأخلاقية، حيث شكل الحديث الشريف” من رأى منكم منكرا فليغيره” منطلق الحادثة،  لأن المجتمع المغربي بكل أطيافه كثيرا ما يستند إلى هذا الحديث، وهذا ما يحدث للذين لا زالو يعتقدون بأن المسألة تدخل في التغيير، ففي كل مرة يناقشون مسائل تتنافى مع الدين والأخلاق والعادات الاجتماعية، تتحرك “مشاعرهم وعواطفهم لتغيير بعض المخالفات المشبوهة كقضية الاعتداء على شخص وفتاة في أسفي، بدون انتظار القضاء أو القوانين الجاري بها العمل”.

وأكد نفس المتحدث بأن نزعة الوازع الديني والأخلاقي هي طفرة نوعية يستدل بها المغربي، لارتكاب جرائم فضيعة خصوصا في شهر رمضان الذي يعتبره من المحرمات التي لا يمكن المس بها.

هذا التصرف يضيف الشعباني يمكن أن نلاحظه في المجتمع، وقد تكرر في مناسبات عدة تجاه المثليين وتجاه فاطري رمضان، الذين ينادون بالفطور العلني في رمضان، أو الذين يخالفون العديد من التقاليد السائدة في المغرب، لأن هؤلاء لا ينظرون إلى الفعل كشكل مخالف للقانون، ولكن ينظرون إليه كتصرف يستفز أمن المواطنين، ولذلك يجب أن يواجهه استفزاز آخر وردود فعل عنيفة كما وقعة في “جمعة السحايم” .

سوسيولوجيا جريمة “شرع اليد”

ومن جهة أخرى صرح عادل بلعمري وهو باحث في سوسيولوجيا جريمة لـ”فبراير” أن “شرع اليد” أو إنزال العقاب بالمواطنين من الناحية الانثروبولوجية ارتبط بالمجتمعات البدائية بصفتها مجتمعات تمثل المرحلة الأولى من الفكر البشري، وهذا مرده لانعدام القوانين والنظم بصورة واضحة خلال تلك الفترة، حيث دأبت هذه المجتمعات على معاقبة المذنبين عملا بمبدأ و منطق الانتقام لأنهم يعتبرون أن الأمر فيه اعتداء على الفرد أو المجتمع، وهذا الأمر كان شائعا في المرحلة الطوطمية.

وأبرز نفس المتحدث أن العقاب خلال هذه الفترة يأخذ شكل الانتقام الفردي، وتطور فيما بعد إلى شكل انتقام جماعي، حيث كان الفرد في البداية هو الذي ينتقم لنفسه من المعتدي، وبعد التطور النسبي للمجتمع نشأ نوع من أنواع السلطة أصبح الانتقام من اختصاص المجتمع نفسه يقوم به لصالح الفرد والمجتمع على حد سواء.

وأوضح بلعمري أن اليوم وفي ظل مجتمع العولمة والحداثة فهذه الممارسات الإجرامية لا معنى لها وغير مقبولة ولا يجب الاختباء وراء بعض الأحكام الأخلاقية، لأنه وفي ظل دولة القانون لم يعد من اختصاص الأفراد في المجتمعات الحديثة إنزال العقوبة على الأفراد حتى وان اخطئوا ، فقد أسندت هاته المهام إلى هيئات تشريعية وقضائية، في إطار العقد الاجتماعي الذي خول المجتمع فيه إلى الدولة والمؤسسات الحكومية مجموع السلط التي بموجبها تحتكر الدولة العنف المشروع .

“شرع اليد” بين العدل والفوضى وقانون الغاب

محمد الزهراوي باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري قال إن واقعة أسفي تطرح النقاش من جديد، حول من له الأحقية في توظيف العنف المشروع، فقد حصرت أدبيات علم السياسة داخل مفهوم الدولة  “العنف المشروع” ضمن اختصاصات الدولة، لأن هناك تعاقد اجتماعي بين الأفراد داخل الدولة، هذا التعاقد يسمح للدولة أو للسلطات العمومية لتوظيف العنف المشروع للحفاظ على الأمن وتحقيق الردع العام والخاص.

وأضاف الزهراوي في تصريح لـ”فبراير” أنه لا يحق لأي شخص أن يعتدي على أي إنسان بأي مبرر كيفما كان نوعه، حتى في حالة خرق القانون أو القيام بتجاوزات، لأن السلطات العمومية هي الأحق بالقيام بفعل الزجر، ولها كل الصلاحيات القانونية للتدخل.

وخلص الزهراوي إلى أن قيام بعض المواطنين بتنفيذ شرع اليد على جهات معينة، يرون فيها خرقا لتقاليد أو أعراف  أو قيم معينة أمر غير مقبول، لأن ذلك من شأنه أن يعيد تكريس مفهوم الفوضى وأفول مفهوم الدولة كمؤسسات وجهاز منظم، وعندما يكون العنف أو “شرع اليد” لا يمكن الحديث عن مجتمع منظم بل الفوضى، وبهذه السلوكات يجب على الدولة، التدخل وتطبيق القانون بكرامة لتحقيق العدالة.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة