من الواضح أننا في الثقافة المغربية نصادف الكثير من المعتقدات التي تندرج في إطار الوهم والخرافات ونظرية السحر والغامض والمعجزة. ونجد أصل جذور هذه المعتقدات في الجهل، والأشياء غير المفهومة، ولكن أيضًا في التفسير الخاطئ لكل ما يُعتبر مقدسًا، والذي يستخدمه المشعوذون للتلاعب بعقول الأميين والمثقفين على حد سواء.
وهكذا، على سبيل المثال، غالبًا عندما يشعر الشخص بحالة غير جيدة، أو تتغير حالته المزاجية أو يرتكب سلوكًا متسرعًا وغير ناضج، أو يتعرض لسلسلة من الأحداث المؤسفة، أو يفشل في مشروع ما، نراه يردد “تْخْطّيتْ شي حاجة” أو “دارو لي شي حاجة”.
ماذا يعني قول “تْخْطّيتْ شي حاجة” أو دارو لي شي حاجة”؟
يعني هذا القول أن شخصا قد ألقى سحرا أو تعويذة على شخص آخر، في طريقه، أو على عتبة منزله أو في العمل؛ ولما يمر الضحية المفترض على “السحر” تصيبه مصائب كثيرة.
لماذا يستخدم المغاربة “تْخْطّيتْ شي حاجة” أو “دارو لي شي حاجة”؟
غياب النضج الفكري والعاطفي
المغربي غير ناضج ولا يتحمل مسؤوليته، وعلى سبيل المثال، عندما لا ينجح في أي مشروع، بدلاً من المُساءلة الذاتية، سيضع فشله على ظهر السحر، وبالتالي فهو ضحية.
الهروب من المسؤولية والإحساس بالذنب
عندما يرتكب الشخص خطأ، ولكي لا يشعر بالذنب فإنه يناشد هذا الاعتقاد. وعلى سبيل المثال، لما يخون الزوج زوجته وتتم إدانته، نراه يردد لكل محيطه “ما عْرْفْتْشْ شْنو وْقْعْ لي، تْخْطّيتْ شي حاجة، دّارْتْ لي شي حاجة”، بمعنى أنه ضحية لمؤامرة سحرية.
العفو بسهولة
حتى يتمكن المحيط من إنقاذ الوجه والصورة أمام الملأ، ويعفو عن المخطئ بسهولة، نراه يلجأ بسهولة إلى نظرية التآمر السحري.
لماذا يؤمن المغاربة بنظرية السحر؟
يُعلم الدين أن السحر مذكور في القرآن، وأن النبي نفسه كان ضحية له. من هذا الاعتقاد الديني، كل ما لا يمكن تفسيره عن طريق العقلانية يُعتبر من آثار السحر. وعِلم السحر هذا هو اختراع وتلفيق إنساني بحت، لأن القرآن لا يقدم أي تفسير ولا تفاصيل عن السحر، ولا حتى معناه بالتدقيق وخصوصياته.
*خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي
