الرئيسية / دولي / البرلمان التونسي يرفض المصادقة على «صندوق الزكاة» و«النهضة»

البرلمان التونسي يرفض المصادقة على «صندوق الزكاة» و«النهضة»

دولي
فبراير.كوم 10 ديسمبر 2019 - 21:43
A+ / A-

رفض البرلمان التونسي المصادقة على مقترح يتعلق بإحداث «صندوق زكاة» ضمن مشروع قانون المالية الجديد، حيث لم يحظ المقترح سوى بموافقة 74 نائباً ورفضه 93 نائباً آخر، فيما تحفظ 17 آخرون.
وكان مقترح «صندوق الزكاة» الذي تقدمت به حركة النهضة أثار جدلاً سياسياً ودينياً في تونس، حيث شبهه البعض بصندوق 26/26 (الصندوق الوطني للتضامن) الذي أسسه نظام بن علي وتضمن شبهات فساد كبرى، إلا أن الحركة الإسلامية أكدت أنه يهدف إلى تغطية «عجز» الدولة عن حفظ كرامة الفقراء.
واقترحت «النهضة»، في وقت سابق، إحداث صندوق للزكاة ضمن مشروع قانون المالية لعام 2020، مشيرة إلى أن موارده التي يتوقع أن تتجاوز ملياري دينار تونسي (700 مليون دولار) ستأتي من تبرعات الأشخاص والمؤسسات، وستخصص لمساعدة الطلاب والشباب العاطلين عن العمل والعائلات المعوزة والأيتام.
وأثار مقترح النهضة جدلاً داخل البرلمان وخارجه، حيث أكد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف، أن الكتلة ستصوت لصالح المقترح، مشيراً إلى أن رفض بعض الكتل له يعود لارتباطه بموضوع الزكاة، التي تأخذ عادة طابعاً دينياً.
فيما أكد النائب عن الحزب الدستوري الحر، مجدي بودينة، رفض حزبه لصندوق الزكاة، مشيراً إلى أن «الدولة لها نظامها الضريبي وهذا الصندوق سيقوم بنظام ضريبي مواز تابع لكل ما هو مواز في الدولة. فالناس الذين يرغبون بتقديم الزكاة لا يحتاجون إلى واسطة».

التشجيع على التهرّب الضريبي

وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «قلب تونس»، حاتم المليكي، إن حزبه لن يصوّت لصالح مقترح «صندوق الزكاة» الذي قال إنه «ينقصه الوضوح، خاصة أن النهضة أشارت إلى أنه سيكون صندوق زكاة وتبرعات أيضاً، كما أن هناك خلطاً في تركيبة الهيئة التي ستشرف عليه، بين المسألة المدنية والمسألة الدينية».
فيما شبهت النائب السابق، بشرى بالحاج حميدة، صندوق الزكاة المقترح من قبل النهضة بصندوق 26/26 الذي أحدثه نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وتضمن شبهات فساد كبرى، مشيرة إلى أن هذا الصندوق «سيشّجع على التهرّب الضريبي. فالزكاة واجب ديني ولا دخل للدولة المدنية فيها».
وأيد سمير عبد الله، القيادي في حزب تحيا تونس، تشبيه بالحاج حميدة لصندوق الزكاة بصندوق بن علي، وأضاف في تدوينة على حسابه في موقع «فيسبوك»: «حركة النهضة مغرومة بالصنادق. يريدون «صندوق كرامة» في إطار قانون المالية وهو صندوق للتعويضات. الجماعة لم يشبعوا حتى الآن من التعويضات في بلاد تعاني من الفقر والتهميش وشبابها يهاجر ويموت واقتصادها مهدد بالإفلاس. ويرغبون بصندوق آخر هو صندوق الزكاة. وهو سرقة مغلفة بالدين إضافة إلى أنه مخالف للدستور الذي ينص في فصله الثاني على مدنية الدولة. وهو محاولة لتطبيق الشريعة في المجال الاقتصادي في انتظار تطبيقها في المجال العام. هذا يعني أننا ندفع الضرائب وعلينا أيضاً أن ندفع لصندوق الزكاة الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الدينية «المضمونة» (تابعة للنهضة)».
وعلق الباحث المقرب من النهضة، رضوان المصمودي، على منتقدي صندوق الكرامة بقوله: «لم أكد أتصور في حياتي وجود مسلمين يرفضون تأسيس صندوق لجمع الزكاة! إذا كنتم لا ترغبون بدفع أموال الزكاة فأنتم أحرار. لكن ما الذي يقلقهم إذا قام الآخرون بدفع الزكاة الخاصة بهم لمساعدة الفقراء والمحتاجين؟».
وأضاف الناشط اسكندر الرقيق: «إحداث صندوق الزكاة يمس من مدنية الدولة. ولكن إدارة المساجد، وتعيين أئمتنا، واقتراح مواضيع خطب صلاة الجمعة من قبل وزارة الشؤون الدينية يعتبر في صلب مدنية الدولة! وتنظيم الحج بطريقة حصرية من قبل الدولة والتحكم في الفنادق ونوع الخدمات في الحرمين الشريفين هو أصل مدنية الدولة! ورصد هلال رمضان والإفتاء في أمور المسلمين هو مدنية للدولة صرفة خالصة! حتى الفصل الأول من الدستور ليس له علاقة بالزكاة! ما لكم كيف تحكمون؟».

انقسام رجال الدين

فيما انقسم رجال الدين بين مؤيد ومتحفّظ على فكرة صندوق الزكاء، حيث دوّن الشيخ عبد القادر الونيسي: «إن يسر الله ورأى صندوق الزكاة النور فستنبلج رحمة كان يتدثر بها فقراء تونس لقرون خلت. كان المريض يُتداوى منها والطالب يتعلم من ريعها والفقير يسد جوعته من فضلها والمستدين يسدد بها دينه. بل انبسط خيرها على كل المخلوقات حتى وصل إلى رؤوس الجبال لتقتات منه الطير. في حملته على مصر انبهر نابليون بنظام الزكاة والأوقاف فحمل معه مختصر الإمام خليل «متن سيدي خليل» في الفقه المالكي ليستفيد منه في تدوين ما أصبح يعرف بقانون نابليون وليؤسس نواة العمل الخيري في فرنسا ما زالت آثاره قائمة إلى يوم الناس هذا شاهدة على عظمة هذا الدين وتجلي منابع رحمته بالمستضعفين».
وأضاف: «أغلقت دولة الحداثة أبواب فضل كان يلجأ إليها الفقراء والمساكين من زكاة وأوقاف لارتباطها بكلمة الإسلام وإمعاناً في فصل الناس عن عقيدتهم ودينهم. وأصبح بعدها بورقيبة هو الذي يعطي والذي يمنع حتى أن الناس لم تعد تحمد الله عند ما تجود عليها الدولة ببعض فتات، بل كانت تحمد بورقيبة بتلك العبارة الممجوجة «يحيا بورقيبة». بعودة صندوق الزكاة -وقريباً الأوقاف بإذن الله- سيتراجع الفقر حتماً وسيكسب المجتمع سلطة جديدة يدافع بها عن نفسه ضد هيمنة الدولة التي صنعها «سيد الأسياد» (بورقيبة). والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
فيما اعتبر الداعية بشير بن حسن أن الزكاة والأوقاف «لن يكونا الحل الكُلّي لتقليل نسبة الفقر في تونس ولا في غيرها. بل إن التقليل أو القضاء على ظاهرة الفقر يتم عن طريق منظومة متكاملة الآليات، أهمها القضاء على الفساد بأنواعه، والرشوة والمحسوبية، ومكافحة الاختلاس والتزوير، وعقد الصفقات المشبوهة أو الوهمية، كما يجب الضرب بيد من حديد على المتهرّبين جبائياً، والذين يسهمون في دفع الخراج، الذي جاء به الإسلام، واعتبره مصدراً من مصادر تمويل الخزينة العامة (بيت مال المسلمين)، كما يجب الكف عن التعامل بكل أنواع الربا، الذي جعله الله تعالى، ماحقاً للبركات، كما قال في محكم التنزيل (يمحق الله الربا ويربي الصدقات)، كما أن التجارة في المحرمات كالخمر والميسر والتأمينات ونحوها يحصل بهما الكساد والخسارة أكثر من الربح (ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما)».
وتحت عنوان «لا زكاة لدولة علمانية مارقة عن تعاليم الإسلام»، كتب الداعية السلفي خميّس الماجري: «لا تجب الزكاة إلاّ لمستحقّيها الثمانية، ولا تجوز الإنابة فيها في ظلّ غياب دولة إسلامية تقيم شرع الله، ولا تصحّ زكاة لدولة علمانية لا تُحرّض النّاس على الصّلاة والمقيم للصلاة عندها مُتّهَم وقد فصلت بين الديني والسياسي، وهي تحرّض على المنكر؛ والقرآن الكريم يحرضها على الدعوة إلى إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأيضاً على إيتاء الزكاة بينهما؛ فلماذا لا تدعو إلى المطالب الثلاثة، وتأخذ بالزّكاة فقط؟ فمن أدّى زكاة لدولة هذه هي حقيقتها فزكاته باطلة».
وعلّق رئيس كتلة حركة النهضة، نور الدين البحيري، على الجدل الذي أثاره مقترح إحداث صندوق للزكاة، بقوله: «الصندوق ​​​​​​سيساهم في تلبية احتياجات الطبقات الفقيرة في ظلّ عجز الدولة عن توفير احتياجات هذه الفئة ومكافحة مظاهر الفقر والتسوّل ووالوضعيات الهشة ووضع حدّ لمعاناتها عبر هذا الصندوق»، مشيراً إلى أن صندوق الزكاة لا يشبه صندوق بن علي (26/26)، فهو «سيكون مراقباً من هيئة وطنية، أما صندوق النظام السابق فقد كان صندوقاً للعائلة الحاكمة».
يُذكر أنه تم بعد الثورة الكشف عن شبهات فساد كبيرة في صندوق التضامن (26/26) الذي أحدثه نظام بن علي، وخاصة أن التبرعات لهذا الصندوق كانت «إلزامية»، حيث تم اقتطاع يوم عمل من أجور الموظفين لصالح هذا الصندوق، فضلاً عن تحصيل 1 في المئة من مبيعات الفلاحين، كما شملت هذه «الضريبة» فئات أخرى، وكانت أموال هذا الصندوق تذهب في النهاية لجيوب العائلة الحاكمة.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة