قال الخبير الاقتصادي، والقيادي بحزب الاشتراكي الموحد، نجيب أقصبي، إني “أجزم بأن 2019، هي في الحقيقة سنة “اللاشيء”، إذ أنها وبكل صراحة سنة الانتظارية القاتمة، ومفارقة مذهلة، فمن جهة الجميع يقر بالداء ولكن لا أحد يقدم الدواء، والغريب في الأمر هو أن الجميع باعتراف الملك محمد السادس نفسه بفشل النموذج التنموي إلى التصريحات الاخيرة للوزير مولاي حفيظ العلمي الذي يقر بأن اتفاقيات التبادل الحر هي أيضا فاشلة وأنه علينا أن نعيد النظر فيها”.
وأضاف نجيب أقصبي في مقال له منشور بالصفحة الرسمية، لـ”فدرالية اليسار الديمقراطي”، على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، أن “هذه الأمور معروفة كنا نقولها في المعارضة منذ سنوات لكن الان جاءت باعتراف المسؤولين عنها ، والنتائج واضحة، من خلال عدة إقرارات بفشل السياسات المتعددة، من بينها فشل المخططات القطاعية أيضا، فالجميع يقر الآن بأن مخطط المغرب الأخضر فاشل، والجميع يقر بأن تحرير المحروقات كان خطأ قاتلا، والجميع يقر بأن النظام الضريبي غير عادل وغير ناجح وكانت المجالس الضريبية قد تم إحداثها لهذا الغرض”.
وتابع المحلل الاقتصادي ذاته، أن “هذه المفارقة الغريبة الجميع بمن فيهم المسؤولين الأولين الرئيسيين اليوم، يعترفون ويقرون بالفشل ليس فقط في الاختيارات الكبرى ولكن أيضا في آليات السياسات العمومية بما فيها السياسيات الضريبية والجبائية والتبادل الحر، والدعم وكل شيء..ولكن أين هو الدواء؟ الجميع ينتظر، في قاعة انتظار كبيرة تسمى الساحة المغربية”.
وأكد أقصبي “بالنسبة للنموذج التنوي، منذ أربع سنوات وعاهل البلاد يتكلم عن فشله، ثم انتظرنا إلى آخر السنة لتتكون هذه اللجنة التي ليست حل، والآن إلى يومنا هذا نحن لا ندري ما الدور الذي ستلعبه هذه اللجنة، وما هي مخططاتها وما ستقدمه. ثم بالنظر لقطاعات المغرب الأخضر مثلا ، بعد النقد الذي وجهه الملك عند استقباله للوزير الوصي على القطاع عزيز أخنوش ليطلب منه الاصلاح والتوجهات الجديدة، كنا ننتظر، أو كان يفترض، خلال المعرض الوطني للفلاحة في مكناس أن يتم تقديم نسخة جديدة خاصة بالإستراتيجية الجديدة في القطاع الفلاحي، غير أنه لاشيء من هذا حدث وبقي الكل ينتظر إلى حدود الساعة”.
وزاد أقصبي “المجالس الضريبية بدورها، التي أقر فيها الجميع بأن النظام غير عادل وغير مجدي، واتفق الجميع على الخطوط العريضة والاجراءات والتوصيات اللازمة للإصلاح، ووعدت الحكومة بأنها ستخرج قبل قانون المالية، بقانون إطار من أجل إصلاح هذا النظام، ولكن لم يكن شيئا من هذا. وها نحن ننتظر، في الوقت الذي كان يفترض أن يخرج قانون المالية 2020 في إطار هذا القانون الإطار وأن يستلهم توجهاته من هذا القانون. لكن وقت الانتظار كانت الفضيحة الكبيرة، هي تحرير قطاع المحروقات، وفضيحة 17 مليار، ثم تكونت اللجنة وجاء مجلس المنافسة الجديد وتحمل مسؤولية دراسة هذا الملف، وكان قد صرح بأنه سيخرج بقرار في شتنبر، لكن ما الذي حدث؟”.
وخلص أقصبي إلى أن “الجميع يتفق على لمس ملامح الداء ولكن لاشيء بالمقابل، والقاعدة تقول أنه كل ما لا يتقدم هو في الحقيقة يتأخر، فبناء على أننا لم نتقدم خلال 2019، من المؤكد أنه خلال 2020 مشاكلنا ستزيد تعقيدا وعمقا، ففي هذه السنة كانت استمرارية الأزمة ومع الأسف إلى يومنا هذا، المحرك الأساسي للاقتصاد المغربي هو الفلاحة أي الظروف المناخية، و بما أن هذه الظروف كانت سيئة، فإن الموسم الفلاحي كان هو الآخر سيء، ومنتوج الحبوب لم يتعدى 52 مليون قنطار أي ما يقرب النصف في موسم ما قبله، وهذا ينعكس على كل واجهات الاقتصاد بما فيها الناتج الداخلي الخام، ووتيرة النمو التي أصبحت أقل من 3 بالمائة، وأيضا البطالة والقدرة الشرائية للمواطنين والتوازنات الداخلية والخارجية وارتفاع المديونية وعجز الميزان التجاري”.
وأشار أقصبي إلى أن “المشكل الأساسي في الاقتصاد المغربي مرتبط أساسا بالنظام السياسي، الذي يضع البلد في هذه الانتظارية وهذا الوضع حيث يغيب الدواء أمام الداء الذي يقر به الجميع”.
وختم نجيب أقصبي مقاله قائلا “الأكثر من هذا هو أنه طيلة السنة، يسجل بلدنا تراجعا خطيرا على مستوى الحريات وبناء دولة الحق والقانون، خاصة في ظل اعتقال الصحافيين والمدونين، والمؤسف هو جواب أصحاب القرار في المغرب الذين لا يسعون إلى الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بل تكريس التراجع والقمع السياسي والحقوقي، وهذا شعوري ونحن في نهاية السنة”.