الرئيسية / أقلام الحقيقة / المغرب في زمن كورونا .. ويسألونك عن العفو

المغرب في زمن كورونا .. ويسألونك عن العفو

عبد مولى المروري محامي توفيق بوعشرين
أقلام الحقيقة
عبد المولى المروري 06 أبريل 2020 - 09:33
A+ / A-

مهلا أيها الناس، لا كل الناس، بل بعضهم فقط.

لا نسعى إلا إلى المصالحة العامة، ولَمِّ الصف الوطني على كلمة المحبة وروح الأخوة، وطرد الحقد، ووأد الضغينة، وتنقية الروح، وتطهيرالوجدان.
ما بال أقوام يزعجهم ذلك، ويضايقهم أن تنتشر المحبة والتسامح بين الناس، لا يهدأ لهم بال، ولا ترتاح لهم نفس إلا في أجواء مشحونة، وعلاقات مسمومة، وحياة موبوءة.
كلما نادى شخص بمصالحة أو عفو إلا انتفضوا، وزمجروا، وحرضوا، وانتفخت أوداجهم، واحمرت ووجوهم حتى اقترب لونها إلى السواد..
أهو سواد القلوب انطبع على وجوههم.. أم سموم أحشائهم سالت على ألسنتهم، أم تلوث نفوسهم خرجت حفيفا من أفواههم.
ما العفو أيها الناس؟
العفو ما هو إلا تعبير عن صفاء النفس، وطهارة القلب، ونبل الوجدان، وسمو الأخلاق.
العفو عنوان الشهامة، ورمز المروءة، ودليل حكمة ورصانة.
ويكفي لمن له قلب، وله ضمير، وله فهم، وله عقل، وله وعي، يكفيه أن العفو من أعظم صفات الله، وهو العفوُّ الكريم، ومن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، فالله سبحانه تعالى عفو ويحب العفو، والله عندما يحب خلقا يتصف به ويدعو عباده إلى تمثله، فهو كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، رحيم يحب الرحمة… فلماذا تمنعون على فضلاء هذا الوطن التوشح بإحدى أحب صفات خالق الخلق.. ؟ عجبا لكم! أم تبا لكم؟
العفو أيها الناس من أعلى مكارم الأخلاق، وأسمى مراتب الشرف..وأعمق معاني النبل والإنسانية..
وهناك العفو المطلوب، يلتمسه مذنب أقر بذنبه وطلب الصفح، أو مظلوم حِيلَ بينه وبين إثبات براءته، واعتُرِضت سبله، وضاقت به الدنيا بما رحبت، فلم يتبق له من سبيل إلا العفو.

يطلب ممن بيده سلطة الاستجابة له،  وإرادة إحقاقه، تخفيفا عن مذنب أو إنصاف لمظلوم، لا يقوم به إلا لبيب حصيف حكيم، ولا يستجيب له إلا نبيل رحيم كريم، يدرك أن العفو للمذنب دواء من داء، وللمظلوم عزاء ورفع للبلاء.
وهناك العفو الموهوب، لا ينتظر صاحبه طلبا ولا استجداء، بل يهبه صاحب الفضائل العظام، وأهل الشهامة الكرام. ولا يبلغها إلا أصحاب القلوب الرحيمة والنفوس الزكية والعقول الذكية، طوبى لهم وحسن مآب.
ولعمري، ما أحوج وطننا في هذه الظروف العصيبة، والأوقات الأليمة إلى ريح زكية تأتي بعفو شامل، وإلى غيث كريم يأتي بصلح كامل، يدخل الطمأنينة على مجتمع أرعبه انتشار الوباء، ويدخل الفرح على أسر أنهكها اعتقال الأبناء والآباء. وينير قلوب صبية عانت ظلمة الأسر والبعاد. ويرسم ابتسامات غابت عن أفواه زوجات وأمهات.
وإن أولى العفو ما أُنعِم به على كل معتقلي الحراك في كل البلاد، الريف وغيره، وعلى كل معتقلي الصحافة والرأي، ومنهم حميد مهداوي وتوفيق بوعشرين.
فمعتقلو الحركات الاحتجاجية ومهما كانت جريرتهم، فإن احتجاجاتهم كانت بسبب سوء الأوضاع وغلبة الإهمال بتلك المناطق، وفساد بعض مسؤوليها، ولا ينكر أحد أن محاكماتهم شابتها علل وأعطاب.والعفو الكريم لهؤلاء الفتية مرحمة ومكرمة، ومصالحة مسدلة، وخدمة مرفلة.
أما حميد مهداوي فتهمته عنوان العفو الذي يجب أن يناله. كيف أدين وحكم المسكين بهذه التهمة؟ العفو كفيل بتصحيح ذلك.
أما توفيق بوعشرين، من أغرب التهم وأعجب المحاكمات. صنع الملف بطريقة يجعله معقدا وعصيا على الحل أو هكذا اعتقدوا إقحام مشتكيات ومصرحات، اللواتي تحولن إلى مطالبات بالحق المدني،  ليكن عنصرا عصيا في حل القضية وفك المعادلة. خاصة بعد أن حكم لهن بالتعويض.

توفيق ودفاعه ينطلقون من مسلمة واضحة، هي أن توفيق بريء من تهم الاغتصاب والاتجار بالبشر.
وعندما تحرك بعض ذوي الفضل من الشخصيات كي يستفيد توفيق بوعشرين من العفو، تحركت قوى مضادة اعتراضا ورفضا له!! بدعوى تضرر المصرحات بهذا العفو؟؟ وانتفضوا من أجل مصادرة هذا الحق.
هل هو جهل بالقانون؟ أم حقد مكنون؟
المصيبة عندما يجتمع الجهل والحقد في شخص ما، يحوله إلى كائن عديم الإنسانية، ميت الضمير، فاقد للمشاعر.
إن العفو ينصرف إلى الدعوى العمومية وليس إلى المطالب المدنية، فما شأن أصحاب المال في موضوع العفو من العقوبة؟ هل هذا الخلط ناتج عن جهل فظيع؟ أم عن حقد وضيع؟ أم كلاهما معا؟
وعندما يتحرك هذا اللوبي ضد العفو باسم “حقوق الإنسان”، فهؤلاء ” الحقوقيون ” هم على مذهب رجال السلطة ومنهج النيابة العامة، فالأولى مذهبها الصولة والصرامة وتضييق الحريات، والثانية منهجها الاعتقال والإدانة وتشديد العقوبة.. فهم على مذهب الأولى ومنهج الثانية والعياذ بالله.
ويبقى العفو خير للأمة، وفضل للوطن، وجنة للشعب، وعزة للبلاد، وسعد للعباد، وهو من أعلى شيم أهل الخير والفضل والعزة والسعد، هو أسمى أخلاق الفضلاء وعظماء التاريخ، وأنتم أهلا له.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة