الرئيسية / أقلام الحقيقة / الصديقي يكتب.. التصنيع والسيادة الاقتصادية

الصديقي يكتب.. التصنيع والسيادة الاقتصادية

عبد السلام الصديقي
أقلام الحقيقة
عبد السلام الصديقي 08 أبريل 2020 - 11:21
A+ / A-

التفكير في مرحلة ما بعد وباء فيروس كورونا، في هذه الظروف التي تتسم بالحجر الصحي، مهمةٌ صعبة للغاية. وإذا كان الجميع يُــقِرُّ بأن لا شيء سيظل غدا مثلما كان عليه بالأمس، فإن كل واحد ينطلق من قناعاته ومرجعياته ليتصور هذا ” الما بعد ” ذا المعالم الغير محددة.

إن المؤكد حاليا هو أن جميع البلدان قد تجندت من أجل تخطي هذه الأزمة الصحية العامة، وذلك من خلال تعبئة إمكانيات بشرية ومادية هائلة. فقد تغلبت الحكمة على أي اعتبار آخر حينما تم إعطاء الأسبقية لحياة الإنسان بَــدَلَ النمو الاقتصادي، وهذه مقاربة حضارية رفيعة سيسجلها التاريخ. وهكذا أدى الحجر الصحي في كافة أرجاء المعمور إلى توقف شبه تام للآلة الاقتصادية، وتم الاحتفاظ فقط بتلك الأنشطة المرتبطة مُباشرةً بالحاجيات الأساسية للإنسان، كالصحة والغذاء والأمن.

وتلك هي بالضبط المقاربة التي اتبعتها، وتتبعها إلى الآن، بلادنا في تدبير وضعية الأزمة التي نمر منها. وينبغي الإقرارُ بأن هذه المقاربة أبانت، إلى حد الساعة، عن فعاليتها، فالأمر كان يقتضي التدخل السريع والاستباقي من خلال العمل على واجهتين: التكفل بالأشخاص المُصابين من جهة، والحفاظ على مناصب الشغل كلما كان ذلك ممكنا وتقديم المساعدة إلى ملايين المواطنين الذين أصبحوا بدون دخل، من جهة ثانية.

طبعا، إذا كان الأمل واردا جدا في إمكانية معالجة هذه الأزمة الصحية العامة خلال بضعة أسابيع، فإنه علينا في ذات الوقت أن نتهيأ للأزمة الاقتصادية التي قد تدوم لسنوات.

إن بلادنا مُطالبةٌ بوضع مخطط طموح للانطلاق يكون في مستوى عُـمْــقِ وخطورة الأزمة، وينبغي أساسا عدم اللجوء إلى بعض الوَصفات التي أبانت عن محدوديتها، ذلك أن السياسات التي تستند إلى اقتصاد العرض سَــتُواجَهُ بالرفض في كل أنحاء العالم، والأجدر بالمقابل تــرجــيــحُ العمل بالاقتصاد المتمحور حول الطلب عبر إطلاق برنامج واسع للاستثمارات العمومية والتسريع في محاربة الفقر وتدعيم الحماية الاجتماعية وتحسين جودة الخدمات الاجتماعية الأساسية…

أجل، إن الخروج من الأزمة مرتبطٌ أيضا بالسياق الدولي وبطبيعة تصرف الفاعلين الأساسيين في الاقتصاد العالمي، حيث إن العلاقات المتبادلة، أو بالأحرى التبعيات المتبادلة بين مختلف الاقتصاديات، لن تنتهي بــنهاية الأزمة الصحية، كما أكدت على ذلك شخصيةٌ على دراية كبيرة بخبايا الواقع الدولي، ويتعلق الأمر بالرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان: ” بعد الأزمة، لا أعتقد أنه سيحصل انغلاقٌ على الذات من طرف الدول، ولكن على العكس، تعميق التعاون ومزيد من التضامن، وسيكون ذلك، على كل حال، ضروريا للخروج من الأزمة الاقتصادية”.

عبد السلام الصديقي: وزير الشغل سابقا

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة