الرئيسية / حوارات / ادامين: الدول السلطوية تعتبر حقوق الانسان منحة (حوار)

ادامين: الدول السلطوية تعتبر حقوق الانسان منحة (حوار)

حوارات
مهداوي فاروق 01 مايو 2020 - 23:43
A+ / A-

لا يمكن للأزمة التي خلفها انتشار جائحة فيروس كورونا، أن تستثني مجال حقوق الانسان. فكما تراجع الاقتصاد، وتحول العمل السياسي، من المنتظر أن نشهد تراجعات حقوقية في السنوات المقبلة، بذريعة محاربة الأزمة، وهذا ليس قولنا، بل مرده في ذلك التجارب الأزمات السابقة.

في هذا الحور نستضيف في برنامج “دردشة مع فبراير على هامش كورونا”، الخبير في مجال حقوق الانسان، عزيز ايدامين، للبحث في انعكاسات كورونا على وضعية حقوق الانسان، ونقاش بعض المستجدات الوطنية في المجال ذاته.

– مرحبا الأستاذ عزيز.. في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الأزمة التي خلفتها كورونا، مست جميع المجالات وعلى عدة مستويات، هل تعتقد أن النظم السياسية ستستغل الأزمة من أجل تحقيق تراجعات جديدة في مجال حقوق الانسان؟

بادئ ذي بدء، شكرا لموقع “فبراير” على هذه الاستضافة…علاقة بالسؤال المطروح فيمكن تقسيم تفاعل النظم السياسية مع جائحة كورونا إلى مرحلتين، وإن كنت أؤكد أنه تقسيم متعسف من الناحية المنهجية لكوننا لازلنا نعيش في خضم الوباء، ولكنه قد يساعد نوعا ما على فهم بنية وعقلية بعض النظم السياسية.

المرحلة الأولى عرفت نوع التلاقي بين إٍرادات السلطات بهدف الضبط والاحتواء وإرادة الناس من أجل العيش والحق في الحياة، ويعود أسباب هذا التلاقي لعدة عوامل، منها الهلع والدهشة وغياب الرؤية لكون الفيروس فاجأ الجميع.

هذه المرحلة اتسمت بنوع من احترام حقوق الانسان، وحتى عندما تكون انزلاقات أو انتهاكات تقوم السلطة برد فعل سريع وتعالج الاشكالات.

لكن المرحلة الثانية، حيث يلاحظ عودة الدولة لقبضتها الامنية، من خلال اعتقالات كثيرة وعشوائية لا داعي لها في كثير من الاحيان، واعتقال أيضا بعض المدونين ومتابعتهم بعد أن عبروا عن أراء تكشف التناقض بين خطاب الدولة في الاعلام والواقع الملموس، ونذكر هنا بحالة عمر الناجي بالناظور وأمين الحسناوي بالرشيدية والشاب حميد النعيمي من مدينة أسفي الذي اشتكى من الجفاف والعطش والفقر فحكم عليه ابتدائيا، بثلاث أشهر سجنا، ويضاف إلى ذلك حالات وفاة وقعت، ولكن لم نتابع بشأنها تحقيقا جديا فيها كالقاصر الذي توفي أثناء الحراسة النظرية بالجديدة، ووفاة امرأة على إثر دفعها من قبل ممثلة السلطة (قائدة) حسب شهادة ابنها وشهود عيان بمدينة تاونات وغيرها من الانتهاكات، التي سجلت عت تدبير جائحة كورونا مؤخرا.

هذا التخوف في المغرب، يوجد أيضا على المستوى الدولي الشيء الذي دفع الامين العام للأمم المتحدة إلى إطلاق نداء  مؤداه، أن “وباء الفيروس التاجي ليس فقط خطرا كبيرا على الصحة العامة، ولكنه أيضا حالة طوارئ بشرية واقتصادية واجتماعية تتحول بسرعة إلى أزمة حقوق الإنسان”، وهو ما دعت له أيضا المفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت “الحكومات إلى عدم استخدام كوفيد-19 بمثابة ستار لانتهاكات حقوق الإنسان وتقييد الحريات الأساسية” بتاريخ 27 أبريل، وأن ” بعض الدول تستخدم كوفيد-19 “كذريعة” لقمع حرية الإعلام واعتقال وترويع الصحفيين” بتاريخ 24 أبريل2020.

– هناك من اعتبر أن الأزمة التي تسببت فيها جائحة كورونا، ستكون بداية لانهيار المنظومة الحقوقية على المستوى الدولي، ما رأيك في هذا الطرح؟

أرى عكس هذا الطرح، فكل المؤشرات تبين أن المواطن أصبح يتملك عدد من الادوات والمفاهيم الحقوقية للدفاع عن مطالبه.

قد تتغول بعض الانظمة السياسية مستغلة الحجر الصحي لتحوله إلى الحجر الحقوقي، ولكن في المقابل هناك مواطنين وجمعيات المجتمع المدني اليقظة، بالإضافة إلى الهيئات الدولية التي تتبع الوضع عن كثب، فالمفوضية السامية لحقوق الانسان تصدر بلاغات وتصريحات بمعدل ثلاث مرات في الاسبوع، وزد على ذلك عمل الاجراءات الخاصة، فمثلا لم يسبق لكل الاجراءات الخاصة من مقررين خواص وخبراء مستقلين وفرق عمل، أن أصدرت بلاغا موحدا كما فعلت بتاريخ 17 أبريل تحت عنوان “لا تشكّل التدابير الأمنية المتّخذة للتصدي لكوفيد-19 عذرًا للاستخدام المفرط للقوّة” موقع من قبل 38 إجراء خاص.  والبلاغ الصادر أيضا عن نفس المجموعة أي 38 إجراء خاص بتاريخ 26 مارس، حيث أكدوا أنه “لا يمكن أبدًا أن نحلّ أزمة فيروس كورونا المستجدّ عبر اعتماد عدد من التدابير في مجال الصحة العامة والطوارئ فحسب، بل يجب أن نُعمِل جميع حقوق الإنسان الأخرى”.

ناهيك عن عدد كبير من التوجيهات الصادرة عن مجلس حقوق الانسان بجنيف، ونذكر منها المبادئ التوجيهية المفصلة، مقرر الأمم المتّحدة الخاص المعني بالحقّ في حريّة التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، تحت عنوان “لا يجب أن تعيق القيود المفروضة في زمن كوفيد-19 حريّة التجمّع وتكوين الجمعيات” بتاريخ 14 أبريل، والبيان الصادر عن المقرر الخاص المعني بالحقّ في التنمية والموقع من قبل 28 أجراء خاص يحث فيه الدول على “عدم نسيان التزاماتها أبدا التصدي لكوفيد 19” بتاريخ 9 أبريل 2020.

إذن نحن أمام ترسانة مهمة من الالتزامات الدولية للحكومات بشأن حقوق الانسان، وستساءل عليها أكيد، ما بعد الجائحة.

وللإشارة فالمغرب مقبل في أكتوبر ونونبر من هذه السنة على تقديم ثلاث تقارير أممية، وهو التقرير الجامع للتقرير الخامس والسادس أمام لجنة مناهضة التمييز ضد المرأة (سيداو) والتقرير الثاني أمام لجنة العمال المهاجرين ومن المفروض مناقشة أيضا التقرير السابع أمام لجنة حقوق الانسان.

  • اليوم هناك نقاش كبير في المغرب حول حرية الرأي وتعبير داخل الفضاء الافتراضي، خصوصا مع تسريب نص القانون 22-20، كيف تتابع هذا النقاش؟

أولا نعتبر هذا التسريب ايجابي، لكونه فتح عيون المغاربة على “مجزرة حقوقية” كانت سترتكب في سرية وبتواطئ بين احزاب الاغلبية الحكومية.

ثانيا، هناك مخالفة للمعايير الدولية وللدستور وللقانون المغربي، حيث كل هذه المرجعيات تؤكد على الحق في الحصول على المعلومة، وأيضا المقاربة التشاركية في اعداد التشريعات والسياسيات، وهو ما لم تفعله الحكومة، ونذكر ما ورد في المراجع السالفة الذكر: «يجب تمكين الأفراد وأيضا المجموعات المحرومة والضعيفة من المشاركة الفعالة في عمليات صنع القرار” (بلاغ 9 أبريل) و ضمان احترام الإجراءات القانونية الجديدة لحقوق الإنسان، من الضروري أن تكون كل من عمليات أو تدابير جديدة تتم بالامتثال لالتزامات حقوق الإنسان. وينبغي إجراء المشاورات مع المجتمع المدني، إذا أمكن، قبل اعتماد تدابير جديدة. في حالة اعتماد قوانين أو لوائح جديدة، يجب أن تكون أي قيود على الحقوق المفروضة وفقًا لمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب. لا يجوز إعلان قيود شاملة على حقوق الإنسان والحريات الأساسية… يجب نشر المعلومات المتعلقة بأي تدابير جديدة معتمدة على نطاق واسع وترجمتها إلى اللغات المحلية والأصلية “. (بلاغ 14 أبريل).

أما على المستوى الوطني فالدستور المغربي، اعتبر الحق في الوصول للمعلومة “حق”، وتم تأكيده بمقتضى القانون 31.13، ومبدأ المشاركة في مبدأ متأصل في الدستور.

وبخصوص مضمون القانون وما تسرب في مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يخالف مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في مادته 19 والتعليق العام رقم 34 للجنة حقوق الانسان.

– صدر مؤخرا تقرير عن المجلس الوطني لحقوق الانسان، هذا الأخير شهد انتقادات كبيرة مما جعل من رئيسة المجلس تخرج للرد على هذه الانتقادات، ومما قالته بوعياش، إن “التقرير يعكس ما جاء به الدستور المغربي من تكرس لقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية”، هل ترى بالفعل أن هناك انعكاسا لهذه القيم على التقرير؟

التقرير السنوي  للمجلس الوطني لحقوق الانسان تعرض للرفض من قبل جل، إن لم نقل كل الأطياف الحقوقية، من أكبر جمعية حقوقية ومرورا بأول جمعية حقوقية بالمغرب وصولا للجمعيات المتخصصة رفضوه، واخر بيان صادر عن تنسيقية عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب، الذين اعتبروه “إقبارا للحقيقة وبذلك يساهم في شرعنة الجرائم ضد الإنسانية، وجمعيات الاقليات الدينية رفضت صيغته ومضمونه، وأسر معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين المتواجدين في السجون، أعلنت فقدانها الثقة في المؤسسة ككل، بالإضافة لعدد من الخبراء والمهتمين الذي “هدموا” الاسس المنهجية والمرجعية للتقرير.

إذن بقدر ما كانت الحركة الحقوقية تطالب بإصدار التقرير السنوي بقدر ما هي مستاءة و”نادمة” على هذه الوثيقة التي جوهرها وكنهها هو إعادة تركيب الروايات الرسمية بخصوص انتهاكات حقوق الانسان بمقاربة “يسوق” على أنها حقوقية في حين أنها مقاربة لاحقوقية.

التخوف الان أن يسير نحو تقرير أحداث جرادة المزمع نشره قريبا، وفق بلاغ الجمعية العامة للمجلس بتاريخ 8 مارس يسير في نفس الاتجاه.

– التقرير ذاته، تطرق إلى ما يعرف بـ”الفصول السوداء” في القانون الجنائي المتعلقة بالمس بالمعتقد، هل تعتبر أن هذه جرأة من المجلس؟ أم أنه نقاش قديم طرحه اليزمي ويتم إعادة فتحه في الظرفية الراهنة؟

ما يطرحه التقرير السنوي حاليا في قضايا الحريات الفردية والمساواة سبق للمجلس في ولاية رئيسه السابق ادريس اليزمي أن تم طرحه، وبالتالي لسنا أمام مستجد بقدر ما نحن أمام منهجية جديدة.

هذه المنهجية تعتمد على تقديم مواقف عديدة كرزمة كاملة Package، أن نقبلها كلها أو نرفضها كلها، حيث يتم اقحام قضايا نتفق حولها كحرية المعتقد والمساواة بين الجنسين وعدم تجريم العلاقات الرضائية وغيرها من القضايا في نفس القالب، وأن نقبل التبريرات المقدمة بخصوص عدم وجود معتقلين سياسيين ومعتقلي الرأي وأن كل المحاكمات عادلة، وأن ادعاءات التعذيب لا تتجاوز ثلاث حالة، وأنه يجب التطبيع مع سوء المعاملة والممارسات المهينة لكونها ليست تعذيبا …

هذه المقاربة للأسف تدفع بالفاعل الحقوقي المدني بأن لا ينخرط في أي مبادرة للمجلس، رغم أن التقرير يتضمن بعض النقط البيضاء، وكأن معد التقرير “يريد أن يصطاد السمك ويخشى البلل”.

– اليوم المغرب يعيش انحباسا “سياسيا” خصوصا في ظل تغاضي الدولة عن فتح ملف المعتقلين السياسيين، وملفات التعذيب بالسجون…في رأيك هل حان الوقت لانفراج سياسي وإعلان مصالحة حقيقية مع الفترة الماضية؟

موضوع الانفراج السياسي مطروح في كل لحظة من اللحظات لكونه يتعلق أولا بحرية أناس وراء القضبان، وثانيا لأنه كلما طال الأمد كلما كانت التكلفة الحقوقية والسياسية كبيرة.

المغرب عول على محطات كثيرة من أجل الافراج والانفراج، سواء في مناسبات دينية أو وطنية واخرها مناسبة انسانية تتعلق بجائحة كورونا، ويبقى الامل أن تكون المحطة المقبلة التي يتقاطع فيها الديني بالإنساني فرصة معانقة المعتقلين لعائلاتهم.

المصالحة مفهوم معقد ومركب، تتداخل فيها عوامل عديدة، منها التاريخي والاجتماعي والتنموي وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار، وهو ما نتمناه أن يكون عبر بوابة إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين.

– منذ إعلان الحجر الصحي، ظهرت لنا بعض من مظاهر العنف من قبل رجال السلطة والقوات العمومية، هل تعتقد أن الفكر الحقوقي لازال بعيدا عن العقلية الأمنية؟ أم أن هناك أسباب أخرى تجعل رجال السلطة يلجؤون للعنف في مواجهة المواطنين؟

في الدول السلطوية أو الدول غير الديمقراطية، تعتبر أن حقوق الانسان ترف أو أنها هبة تعطيها متى شاءت وتسحبها وقت ما أرادت، ولا تتعامل مع الحقوق والحريات باعتبارها نمط معيش يومي للأفراد، ومع الحجر الصحي لوحظ ذلك بشكل كبير، أن الاجراءات المتخذة من قبل السلطات لحماية حيوات الناس والصحة العامة هي منة وعطية، وبالتالي يمكن في أي لحظة اللجوء إلى الشطط والتعسف في استعمال العنف والقوة، فمثلا عند تحرير ملك عمومي لا يظهر أن السلطات تتدخل لحماية العامة من ذلك الاحتلال، بل يتم التدخل العنيف كأنه انتقام من الفرد لعدم امتثاله لضوابط الحجر.

من التوصيات الاساسية التي توصي بها الامم المتحدة هي تكوين المكلفين بإنفاذ القوانين في مجال حقوق الانسان، وتأهيلهم من أجل مراعاة هذه المعايير في تدخلاتهم، وفي المغرب يتم الإعلان عن إجراء عدد كبير من التداريب والتكوينات، إلا أن أثر هذه الانشطة لا نلمسه على أرض الواقع.

ومن بين أشد التوصيات الواردة من قبل الامم المتحدة في علاقة بالتصدي بجائحة كورونا، هي احترام رجال الامن لحقوق الانسان، فمجلس حقوق الانسان من خلال إجراءاته الخاصة، قد أوصى بتاريخ 17 أبريل كما سبق ذكر المرجع سابقا بأن ” تسترشد الشرطة عند تنفيذ تدابير الطوارئ، بالمناقشات والمشاورات والإرشادات وأن تُشرِك المجتمعات المحلية. هذا ما يطالب به القانون الدولي، لأن هذا هو ما تتطلبه حماية حقوق الإنسان في زمن العدوى”.

– أخيرا أستاذ عزيز، كيف تقضي فترة الحجر الصحي؟ وماهي نصائحك للشباب في هذه الفترة؟

الحجر الصحي أعطانا فرصة كبيرة للعودة للذات والتفكير وتمضية وقت أطول مع العائلة.

فأمضي معظم الوقت في قراءة التقارير والدراسات المستجدة في مجال حقوق الانسان والعلوم السياسية وعلم الاجتماع، كما أشتغل على بعض التقارير والمذكرات المرتقب نشرها في نهاية السنة، كما أشاهد بعض الافلام، وأهتم بحديقتي الصغيرة.

أنصح الشباب في استثمار الوقت بالقراءة كثيرا ومشاهدة الافلام قليلا، فالوقت رغم أنه متوفر فإنه يمر بسرعة، فيكفي أن أذكر أن الشهر الاول مر بسرعة في 20 أبريل ولم يتبقى ل 20 ماي إلا ايام معدودة.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة