أكد المفكر المغربي محمد الناجي أن الديمقراطية في المغرب مجرد لقيطة ولدت من التزوير، مضيفا بالقول، في مقال مطول له،” في بلدنا، الديمقراطية ليست مشروعا ولم تكن كذلك أبدا”.
وأكد الناجي أن الديمقراطية “مجرد ذريعة، وولادتها ليست طبيعية لأنها لم تولد داخل رحم المجتمع، بل ولدت من رحم الدولة دون حبل سري”، موضحا أن هذا “الرحم الآخر وضعها ببرودة خدمة لمصالحة فقط”.
وأوضح الناجي أن المشروع الديمقراطي يفترض أن يكون مطلبا وحاجة، يولد من رحم المجتمع، ويكتسب مشروعيته عن طريق النضال، مؤكدا “أن ديمقراطيتنا ومؤسساتها هي تركيب للظروف، وتحريك لبيادق السياسة وسط المشهد السياسي لإعطاء الوهم بأن الجدل يسبق الصدام “.
وأضاف قائلا “والدليل على ذلك أن قادتها وأعضاءها ليسوا منتخبين “ديمقراطيا”، بل يتم تعيينهم من بين الرموزالزائفة بيننا، والذين يخدمون مصالحهم فقط ولا يجرؤون حتى على النظر إلينا”، موضحا أن البرلماني عندنا، في أحسن الأحوال، ليس أكثر ولا أقل من موظف عند الدولة، يحضر عند اللزوم لإظهار أن كل شيء يسير على نحو أفضل داخل المؤسسات، مشيرا إلى أنها، في الواقع ديمقراطية قلاع الورق فقط”.
وزاد قائلا “حتى على أعلى مستوى في الدولة، وحتى داخل السلطة التنفيذية، لا توجد ديمقراطية ، ولا مشاركة في السلطة ، ولا تقسيم حقيقي للعمل الضروري لعقلنة اتخاذ القرار في دولة حديثة ومعقد”، مسجلا أن “السلطة تتركز بشكل كبير في أيدي فئة قليلة تتقاسمها، بعضها مجرد وسطاءوأتباع ينفذون الأوامر ويستفيد مما في الصناديق، ولا يوجد في السلطة التنفيذية ولا حتى في بقية الدولة “المؤسسية” أي نقاش أو اعتراض، هناك فقط إداريون يفعلون ما يطلب منهم القيام به دون زيادة أو نقصان”.
وأردف قائلا “الإرادة الشعبية عندنا هي كلمة فارغة المعنى، فمساحات التعبير فيها عبارة عن حفلات تنكرية، ولا أحد يشارك في النقاش، فهو يأتي من فوق، ويسقط مثل الساطور ، وهو لا لبس فيه ولا جدال”.
وتابع “والأسوأ هو أننا وصلنا إلى دولة أصبح فيها الإهمال هو القاعدة، حيث القرار ، بما فيه المركزي ، ينتظر اتخاذه ، حتى عندما يكونا استعجاليا ، يبل وحتى عندما يكون هناك خطر ، لا أحد يجرؤ على القول أننا يجب نتحرك ونبادر، بل الجميع ينتظر بشكل جبان وخانع”، مردفا بالقول “دولتنا أصبحت مسرحا للعرائس حيث المحاكاة والتمثيل هما الوسيلتان الوحيدتان للحوار والتمثيل”.
وختم مقالته بالقول إن ” المجتمع غارق في مشاكله، وفي بؤسه وفي قيوده، ويتم تسليمه إلى صراعه من أجل الحياة ، من أجل المدرسة، من أجل الصحة، ومن أجل البقاء، والديمقراطية من أجله مجرد سراب، وهذا الأمر معروف بالنسبة إليه منذ زمن، لكن اليوم هو مؤكد منه، وأما شبابه فهو مهان ومرفوض، ويحزم حقائبه وينتظر التأشيرة المقبلة، الطائرة المقبلة، القارب القادم، وفي أسوأ الأحوال، سيرمي نفسه في البحر لركوب أكواج الخطر، لأنه في منزله، وعلى أرضه، الأمواج أكثر فتكا من تلك التي في المنفى.