الرئيسية / تحقيق / تحقيق: مصحات خاصة نصبت على مرضى كوفيد 19 في المغرب

تحقيق: مصحات خاصة نصبت على مرضى كوفيد 19 في المغرب

تحقيق
أشمرار عائشة 17 نوفمبر 2020 - 11:40
A+ / A-

غزا فيروس كورونا العالم بالكامل، وولد بغزوه عالم ثان، وكأن التاريخ دار دورة كاملة حول نفسه معيدا ترتيب كل شيئ، و يمكننا أن نرى ذلك جليا إذا ما تابعنا القرارات التي اتخذتها عدة دول والقاضية بتعطيل السفر داخليا وخارجيا وفرض نمط عيش جديد في سباق مع الزمن لمحاصرة هذا الوباء

لقد شعر الناس بأنهم أصبحوا يعيشون في حياة أخرى بقرارات اقتصادية واجتماعية وصحية.

لم يكن المغرب بمعزل عن العالم، في زمن العوملة التي جعلتنتا نعيش في قرية صغيرة، وسارع إلى اتخاذ جميع الاجراءات والتعبئة لمواجهة الجائحة.

وأمام التعبئة الكبيرة، اختارت المصحات الخاصة السباحة ضد التيار والبحث عن الربح المادي السريع والاسثتمار في الأزمة دون حسيب أو رقيب، وكأنها فوق القانون.

الارتفاع المتزايد لحالات الإصابة بفيروس كورونا وضعف البنية الصحية العمومية والاختلالات التي تعرفها منظومتنا الصحية، دفع عددا من المصابين الى اللجوء للمصحات الخاصة للبحث عن العلاج.

طوابير طويلة وأرقام الخطوط مكتظة بالنظر للضغط الذي تعرفه هذه المصحات، والتي استغلت الوضع بطريقة بشعة من أجل الزيادة في أرباحها وابتزاز المواطنين دون حسيب أورقيب.

استطاعت “فبراير” أن تقتحم الكواليس المظلمة لهذه المصحات وتصل لمواطنين عانوا من ويلاتها، مبالغ خيالية، ودولة عاجزة أمام لوبي اسثتمر في الأزمة ضاربا عرض الحائط كل هذه التعبئة لتجاوز الأزمة.

يقول صيدلاني أصيب بفيروس كورونا إنه اختار الذهاب لإحدى المصحات الخاصة لتلقي العلاجات الضرورية، لكنه فوجئ بقيمة الفاتورة التي تجاوزت 200 ألف درهم مقابل 14 يوما المخصصة للاستشفاء من الفيروس.

وسرد الصيدلاني قصته الطويلة مع هذه المصحة، في بوح لـ”فبراير”” أقفلت جميع الأبواب في وجهي، قصدت جميع المصالح من أجل الاستفسار على هذا المبلغ ولكن دون مجيب”.

وأضاف “قصدت قسم المحاسبات ودخلت في نقاش حاد مع المسؤولين، وهددت باللجوء إلى الإعلام كحل أخير، هناك قرر مسؤولون الجلوس معي إلى الطاولة من أجل الحوار والتفاوض، وتدخل مدير المصحة لتخفيض قيمة الفاتورة، من 200 ألف درهما إلى 70 ألف درهم، مقابل التستر على الواقعة وعدم إخراجها للعموم حفاظا على سمعة المصحة.

تلاعب المصحات الخاصة بصحة المواطنين لم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى إقدام مالكي إحدى المصحات إلى بيعها، ليقدم المالك الجديد على طرد الموظفين والمرضى من جميع الغرف بما فيها غرف الإنعاش حيث يتلقى المصابون بفيروس كورونا العلاج.

تحكي “”و.ي” بكثيرة من المرارة كيف كانت صدمتها كبيرة، اثر هذا الفعل غير مفهوم.

وأضافت “عدت إلى المصحة من أجل إجراءات قانونية، فتفاجأت بأصحاب المصحة الجدد يطردون المرضى بمن فيهم مرضى كورونا، وكأننا في دولة الغاب.

تجاوزات هذه المصحة لم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى الاستهتار بحياة المرضى، في هذه الظرفية التي يجتازها المغرب، والتي تقتضي تظافر الجهود من طرف الجميع والتعبئة الشاملة لتجاوزها.

غياب الأطباء

وأوضحت “و.ي” أنه طيلة المدة التي قضتها بالمصحة لم تر طبيبا واحدا وأن من أشرف على حالتها الصحية ممرضون ومتدربون، متسائلة “كيف نضع حياة الناس بين يد متدرب بالكاد يتعرف على أبجديات مهنته”.

وتابعت” كانت تزورني ممرضة كل صباح وتمدني بالأودية اللازمة من بعيد، وعندما سألت عن غياب الأطباء، أجابتني “أويلي واش حماقيتي، المرضى ديال كورونا ما يمكنش لينا نقربوا ليهم”.

الصدمة الكبرى كانت خلال المناوبة الليلية، اذ أشرفت على حالتها ممرضة متدربة من أصول إفريقية، تضيف قائلة ” كيف يضعون ثقتهم في متدربين ومبتدئين بالكاد يحتكون لأول مرة مع المهنة ويحتاجون التأطير والمواكبة والمتابعة”.

ورغم كل هذه الظروف القاسية، والتي انضافت إلى الحالة النفسية التي تمر بها بسبب الفيروس، واصلت مقاومتها للمرض، إلا أن المعاناة لم تقف هنا، بل وصلت إلى فاتورة الاستشفاء، وتلك حكاية أخرى.

“بلغت فاتورة الاستشفاء 60 ألف درهم، هذا المبلغ الذي وجدت المريضة بعد شفائها من الفيروس مجبرة على أدائه، فوجئت لدى توصلها بفاتورة مفصلة، أنه أدرج فيها أسماء أطباء لم تراهم طيلة فترة إقامتها بالمصحة، وأدوية لم تستعملها قط.

رحلة العذاب

ظلت المصحات الخاصة بعيدة عن كل مساءلة أو مراقبة من قبل السلطات المختصة، وعثت فسادا، وترك المواطن وحيدا يواجه مصيره وينهش المرض جسده والمصحات جيبه، دون أية مساعدة من الدولة أو المصحات نفسها.

تقول سيدة ” من أجل الولوج إلى المصحة عليك أن تجرب كل أساليب التعذيب والمماطلة، وأنت الحامل للفيروس وتسعى للتخلص منه، “جيب 20 ألف درهم كاش، و20 ألف درهم الأخرى شيك” وفطوكوبي ديال لكارط والسكانير معاهم، باش نشوفو المريض أش غايحتاج، وتابعت “لماذا يطالبون إجراء “السكانير” للمرة الثانية والمحدد في مبلغ 3 آلاف درهم، قائلة: “ديت ليهم سكانير درتو بـ60 ألف ريال، والتحاليل حتاهوما درتهم ب40 ألف ريال، ولكن فاش مشيت الكلينيك، كالو ليا لا ضروري خاصك تعاود وحدين آخرين جداد وديرهم هنا في الكلينيك عندنا”

الأغنياء يجهزون غرفا للإنعاش بالمنازل

وهروبا من هذا العذاب وهذه الحرب، اختارت العائلات الغنية وأصحاب المال والنفوذ تجهيز غرف إنعاش منزلية تحسبا لإصابة أحد أفراد الأسرة.

ثمن هذه الغرف يبدأ من 10 ألاف درهم لليوم الواحد، ومبلغ 3000 درهم للزيارة الأولى للطبيب لمعاينة المريض، ولمعرفة ما هو البروتكول الذي يجب على المريض اتباعه.

ويبدأ تجهيز هذه الغرف بتقرير أولي ينجزه الطبيب، ويتضمن الآلات اللازمة للتجهيز.

وتمكنت فبراير” من الحصول على مكالمة هاتفية بين ابنة سيدة مصابة وإحدى الشركات المخصصة لتجهيز غرف إنعاش منزلية

الابنة: السلام عليكم الله يخليك الله يخليك الواليدة ديالي مصابة بكورونا، وبغيت نجهز غرفة إنعاش بالمنزل، أش غادي يخصني؟

المستخدمة: السلام لالة، أول حاجة الطبيب كيجي عندكم الدار باش يشخص الحالة ديال المريضة بمبلغ 3000 درهم، وبعدها كيقرر الماطيريال اللي غيخص المريضة.

الابنة: واخا ألالة تقدري تعطيني ثمن تقريبي باش نعرف راسي فين أنحط رجلي

المستخدمة: مرحبا، الثمن كيبدا من 10 آلاف درهم للنهار للفوق.

الابنة: واخا وبالنسبة للمتابعة الطبية.

المستخدمة: بالطبع عندنا المرافقة الطبية، الممرضة لكانت أتجي عندك مرة وحدة في النهار ب 1000 درهم، ولكانت 2 مرات ب2000 درهم ولكانت أتبقا معك 24 ساعة ب3000درهم.

الابنة: واش هاد الثمن اللي كلتي ليا ديال المدة اللي غدوزها الممرضة مع المريض

المستخدمة: لا أمدام، هذا ثمن الزيارة اليومية، يعني كل نهار خصك تخلصي الممرضة.

الابنة: واخا ألالة أنا أنتشاور ونعاود نتاصل بيك.

المستخدمة: واخا مرحبا

هذا الاتصال لم تتجاوز مدته الزمنية عبر الهاتف ثلاث إلى أربع دقائق، لكنه أدخل الابنة في صدمة كبيرة، متسائلة “واش هادشي في خبار المسؤولين.

نقلنا السؤال حول ما إذا كانت الأثمنة التي تقررها المصحات الخاصة مقابل مدة زمنية يقضيها مريض كورونا بالمصحة معقولة لمسؤول نقابي بالمصحات الخاصة ” فكان جوابه “”واش هاد الثمن كيبان ليك نتي غالي، راه غير قرعة الأوكسجين بالنسبة لمريض ديال كورونا، كتقام بـ5000 ألاف درهم للنهار”.

ورفضت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي الرد عن تساؤلاتنا، واكتفت ببلاغ توصلنا به طرف مسؤولة التواصل الخاصة به عقب الاجتماع الذي عقده رفقة كل من وزير الصحة خالد أيت الطالب، وممثلو الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، للوقوف عند الجدل الذي اثاره تسجيل حالات مبالغ فيها، للتعريفات الخاصة، بالخدمات الطبية، المقدمة لمرضى كوفيد.

وخلص الاجتماع، الذي حضره الوزير خالد آيت طالب، إلى مجموعة من القرارات، أهمها ضرورة التأكيد على أن البرتكول العلاجي المرفق بالتعريفات المرجعية، مازال ساري المفعول، ويشكل المرجع الوحيد، فيما يخص التكفل والتعويض عن مرض “كوفيد 19.
السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة