الرئيسية / الوجه الاخر / في الذكرى 21 على رحيلها: ثريا ....اسية والغياب

في الذكرى 21 على رحيلها: ثريا ....اسية والغياب

الوجه الاخر
مـــــريــــة مــــكريـــم 20 فبراير 2013 - 00:04
A+ / A-

                                      رسالة الى الأم ثريا في ذكرى رحيلها الواحد والعشرون   ثريا حبيبتي، أيتها الأم الرؤوم، في ذكرى فقدك الواحد و العشرين، قبر ينضاف، غصن من شجرة الوديع يتهاوى و جرح غائر لن يندمل. رحلت آسية يا والدتي بعد أن عرفَت كيف تحيي ذكرى غيابك العشرون، غابت في غفلة من الجميع، تعبَ الجَسَرُ وفضل الراحة والإرادة ولكن الروح ظلت حاضرة معطاء إلى أن أعلن القلب، العضو، استقالته، وتقاعد إلى جواركم كما كانت تصرح دائما. فَقْدٌ خاص، يا والدتي، في زمن عزَّ فيه أشخاص ذو قيمة من طينة لآسية. آسية عرفت كيف تحمل مشعلكما أنتِ والآسفي فلم يزدد إلا توهجا ولهيبه أكثر اتقادا، فجازت على اعترافٍ وطني ودولي بسمو العمل وندرة العُمْلَة. بعد رحيلكِ والدتي، عرفت آسية كيف تلمُّ الشمل، احتضنت آلاسفي الشيخ الطفل، وبعد رحيله احتضنت العائلة بأكملها، وأخذت على عاتقها تفعيل منديلكِ وقضبانك، فأَنْمَنَتِ السجون وعرفت كيف تستميل فؤاد الملك الشاب لنصرة قضيتها، فاستجاب وانخرط في مشاريع ضخمة، ولم يعد يفارقها ولو للحظة داعيا للقاءات في فضاءات السجون، او مهاتفا طالبا مشورة لقرار حَاضِنًا إبَّان المرض، مواسيا بعد الفراق، إنه الأخ الذي لن تلديه يا والدتي، إنه بلسم الجرح الغائر، فأكد ما كان يردده آلاسفي “رَبُّ أخ لم تلده لك أمك”. يحضرني ذكراك بيت من قصيدة “مديح الظل العالي” ظلت تردده دائما ويصدق على حالتها، حين يقول درويش: “ذهب الذين نحبهم ذهبوا … فإما أن تكون أو لا تكون ” حتما سنكون رغم غياب الأحبة، آسية أعلت لهيب المشعل، وجعلت المسيرة أصعب، لكن الخَلفَ آستطاع الصمود رغم الإعصار الذي ضرب هدَّ العائلة، فيوسف الجريح يداري ألم الفراق مكتشفا عالم اليُتم القاسي، اخذاً على عاتقه مواصلة المسيرة محتضنا عن بعد، الجمعية ذاتها، موجهاً وناصحاً، حفاظا على ما أسست له آسية، وندى حفيدتك وأخر من احتضنتِ وأنت على فراش المرض، استفاقت من هول الصدمة، عرفت كيف تدْعَمُ وفاء ساهرةً على إحياء أيام آسية بسجن النساء، مقتنعةً أبناء جيلها بالإنخراط في نفس العمل، فخلت جمعية أخرى تخلد لمبادئ آسية. والدتي، أيتها الثريَّا، ذكراك، بالفعل متميزة هاته السنة، فقد صرتم ثلاثة في عالمكم الآخر، هي في جواركم، وبقدر حبي لها، ولوعتي لفراقها، بقدر غيرتي من مجمعكم هذا والبكْرُ فينا بينكم، حتما أراها منتشية  بالحضور توزع كؤوس الشاي، وهي في كامل أناقتها، وبعد ترتيب المَجْمَع، تشعل آلة التسجيل، فتصدح أم كلثوم بأروع أغانيها: كل أحبتي إجتمعوا منصتين. فهذا عمر الشهيد، يقترب من آلاسفي، طالبا منه شرح بعض الأبيات، وهو يُرَبِّت على كتفه بِحُنُوٍّ وصدق، وذاك عبد الرحيم القائد، والذي يفضل الاستماع لمقتطفات من فن الجاز، رضخ كعادته لرأي الأغلبية الحاضرة، بعد تدخل سريع من ثريا شارحة أن عتابه على طول القصائد المغناة في محله، لكن السياق يفرض ذلك. عبد الحق  .. السبتي متأبطا لعبة الشطرنج المفضلة له، يستعجل عمر الشهيد في السماح له بالإستفراد بالاسفي، لرد دين له، فقد هزمه الأخير في لقاء ببيته، وثريا تقدم كأس القهوة المعتادة. عبد الرحيم، الخال الملحن، حاملا عوده، يهمس لثريا بالتدخل لدى آسية من أجل السماح له بإهدائها لحنا بالمناسبة،  أَلَمْ يَهِم بها هي، إبنة  الأخت البكر، التي تقاسمت وإياه وزهرة أحلى اللحظات. فاطمة، عائشة، أحمد السقاط، والعم محمد، الراحلون كلهم يحيطون بآسية وبقدر نشوتهم بلقائها، بقدر استغرابهم حضورها المبكر بينهم. لقد أحبَّتْكم بشدة، فأوصيكم بها خيرا، فقد إفْتَقَدَتِ الراحة في عالمنا البئيس، ورفضت لقاءكم. أما أنا فلي الله في هذا الفقد لم أجد أجمل من بعض أبيات الاسفي أُهْدِيهَا لآسية في الزمن الجميل حيث يقول:  بنيتي بنيتي      رمز الأماني الغالية أهديك سفرا زاخرا   بكل معنى زاهية لتعلمي لتفهمي       مجرى الحياة الراقية لتتركي بعد الرحيل     للشعوب الأتية معالما مرصودة        تهدي الحشود الضارية صوت الخلود هاتف    ما العمر إلا ثانية                                                توفيق الوديع الاسفي

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة