الرئيسية / أقلام الحقيقة / ندى بوعشرين والملك

ندى بوعشرين والملك

أقلام الحقيقة
عبد العزيز العبدي 20 أكتوبر 2022 - 09:30
A+ / A-

ندى بوعشرين والملك

لو سعت السيدة أسماء المساوي إلى لقاء الملك من أجل استعطافه لاصدار عفو على زوجها توفيق بوعشرين، لما تمكنت من ذلك، أقصى ما يمكن الحصول عليه هو وعد بأن يوضع الملف بين أيدي جلالته، مع الابتهال إلى الله ليزرع روح الرحمة والعفو في فؤاد الملك لحظتها، ويصدر عفوه على الصحفي الحر القابع في السجن منذ ما يقرب الخمس سنوات…

لكن شاءت الظروف أن تضع الملك بجلالته، رفقة مستشاره الذي هو على اطلاع جيد على ملف توفيق بوعشرين، بحكم اهتمامه بالصحافة والاعلام، أن يضعهما سويا في طريق هذه السيدة، أو بالأحرى في طريق ندى ابنتها، وهي تقف عند الضوء الأحمر في أحد تقاطعات مدينة سلا… في حدود علمي، تبلغ الابنة سنها الخامس عشر، أي سن التمييز تقريبا، وسن المراهقة، وسن طرح الآسئلة الكبرى… من الأسئلة الكبرى التي قد تطرحها هذه الابنة: لماذا والدي في السجن؟ ثم لماذا هذا التقاطب الحاد في المجتمع بين من يعتبر والدها صحفيا كبيرا له وزنه الاعتباري، وهم كثر، وبين من يصنفون والدها كمجرم نال ما يستحقه، وهم كيفما كان الحال أقلية، وضمن الأجوبة هناك الكثير مما يقال، وفي هذا الكثير هناك ما يتقاطع ومواقف وشخص الملك…

عبد العزيز العبدي

كانت ندى حزينة وهي تفارق والدها غداة زيارتها له يوم الجمعة، تجلس إلى جانب والدتها التي تقود السيارة، وتشيح بوجهها إلى الجهة المقابلة، تاركة والدتها تغوص في حزنها بدورها، وتركز على قيادة السيارة… انفرجت أسارير الطفلة وهي تكتشف أن الرجل الذي يلوح لها بيديه هو ملك البلاد، محمد السادس، ثم صرخت، والعهدة على والدتها: الملك، الملك.. تعرفت ندى على الملك، وفرحت لأنه لوح لها، قد يقول القائل: هي صدفة بدون دلالات، والفتاة ابنة جيلها تعرف الملك، كما يعرفه الكثيرون… هي صدفة بالتأكيد، لكنها غنية بالدلالات والعبر… ولعل أهم عبرة، يجب أن يستخلصها الممسكون بملف بوعشرين، أن هذا الأخير وزوجته، لم يزرعا الحقد في فؤاد ابنتيهما اتجاه بلدهما، واتجاه الرمز الأول في البلد وهو الملك، وكم كان الأمر سهلا أن يتم حشو عقل فتاة بعمر ندى بما يروجه المقربون من هذا الملف، كونه بيد الملك، وأن هذا الأخير يرفض التأشير على العفو على الصحفي…

واقعة ندى والملك لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل يجب أن تكون منعرجا لمراجعة أشكال التعامل مع الاختلاف في هذا البلد، ويجب أساسا أن تكون وازعا لرد الاعتبار إلى الصحفي توفيق بوعشرين، باعتباره صحفي أولا، كاتب عمود نقدي وبناء، فهو لم يشكك في التوابث المتوافق عليها في هذا الوطن، كان ناقدا لانحرافات السلطة بشكل بناء، ويكفي أن الكثير مما كان ينبه له، وقع بشكل من الاشكال، ونعيش بسبب ذلك وضعا حقوقيا مترديا وتصنيفا دوليا مخزيا… ومنعرجا أيضا لتكريم هذا الصحفي للروح الوطنية والتربوية لديه، وهو ينشئ أبناءه بعيدا عن الضغائن السياسية… كان ذلك جليا في سلوك ابنته ندى، وجليا أيضا في تفاعل زوجته مع الحادث… أعتقد أنه في محيط الملك من اللواقط capteurs الإنسانية ما يكفي لاحتضان هذه اللحظة/ الحادث، وأن تكافئ ندى لفرحها بالتفاتة الملك، وذلك باحتضان والدها توفيق.

تقرؤون أيضا:

العبدي: الملك حذر من خطورة الجفاف وطالب بتفعيل ميثاق الاستثمار

العبدي يوجه رسالة إلى بوعشرين: نحن مثلك يا صديقي سجناء الخوف والرعب

العبدي: من أجل اطلاق سراح فتيحة روتيني

العبدي.. في راهنية نيتشة لحظة ذكرى ميلاده

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة