الممثلة فاطم العياشي في دور زينب النفزاوي
كانت للسيدة للا فاطمة بنت سليمان بن إسماعيل، إحدى زوجات السلطان محمد الثالث، حظوة في الدائرة السياسية والوطنية والدولية. على المستوى الوطني، شاركت للا فاطمة في توسيع تراب المملكة الموجود تحت سيطرة السلطان. فعندما اعتلى العرش محمد بن عبد الله، المعروف بمحمد الثالث، كان المغرب منقسما إلى منطقتين؛ منطقة تحت سيطرته يديرها المخزن، والمنطقة الثانية مكونة من قبائل مستقلة تدير نفسها بنفسها، رغم أنها تعترف بالسلطة الدينية للسلطان. وقد سعى السلطان إلى بسط نفوذه على كامل التراب المغربي وإلى تمركز إدارته، ولتحقيق هذا الهدف قام بزيارة للريف سنة 1778، وحاول إقامة علاقات مع سكان تاونات وغمارة وكذلك قبائل منطقة تازة، وانتهز فرصة هذه الزيارة لتقديم ابنه أبو الحسن وخليفته في فاس. قامت للا فاطمة بزيارة مماثلة بعد انتهاء زيارة السلطان، وقد رافقها في هذه الرحلة ألف حارس من الفرسان والعبيد، وأثناء سفرها قامت بزيارة الأضرحة الموجودة في طريقها، ومنحت المعوزين هدايا ثمينة، ووزعت هبات مالية على الأعيان وعلماء المنطقة. كللت هذه الزيارة بالنجاح، حسب المؤرخين، وتركت صدى لدى السكان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سعت للا فاطمة من خلال هذه الزيارة فقط إلى الحفاظ على مصالح الملكية، أي مصالح الطبقة التي تنتمي إليها، أم إنها أرادت أيضا العمل على دعم المسار السياسي لابنها أبو الحسن علي؟ كان لمحمد الثاني أبناء كثيرون من زوجات متعددات، والأكيد أنه ليست هناك وثيقة تثبت أن للا فاطمة تحركت سياسيا من منطلق دعم ابنها، لكن رسالة إحدى غريماتها وجهتها إلى أحد أبنائها، تؤكد أن الأمهات كن يتدخلن في مسلسل اعتلاء العرش لصالح أبنائهن. في هذه الرسالة، تشجع شهرزاد، والدة سلامة واليزيد، الذي سيصبح لاحقا سلطانا تحت اسم مولاي سليمان، طموحات أبنائها ضدا على أبناء غريماتها، ومن بينهن للا فاطمة. على المستوى الدولي، مثلت للا فاطمة المغرب في الدول الأوربية، وعرفت بمراسلاتها الدبلوماسية مع الأميرات الأوربيات. ومن ضمن هذه المراسلات، عثرنا على رسالة لكبيرة الأميرات الإسبانيات، لويزا دي أستراياس، مكتوبة في مكناس سنة 1774، ويؤكد مضمونها أن الأميرتين سبق لهما أن التقتا. للا فاطمة تفاوض في رسالتها الأميرة لويزة، بشأن أسيرتين في إسبانيا، مقابل إعادة الحرية إلى سجينتين إسبانيتين في المغرب، وللتذكير، فقد كان الرق في القرن الـ18 شائعا في المغرب، كما في باقي دول العالم. في هذه الرسالة تقول للا فاطمة: «من طرف سلطانة المملكة المغربية العظيمة، سيدتنا الله ينصرها، زوجة مولانا الأعظم السلطان مراكش وفاس ومكناس وتافيلالت وسوس درعة نصره الله، إلى صاحبة السمو الملكي الأميرة لويزة دي استرياس، بعد التحية والمتمنيات بحياة سعيدة وأخذا بالاعتبار صداقتنا، أرسلنا لكم بواسطة القنصل أطوماس ابريم، صندوقا من الأحجار الكريمة، ولو كان لدينا أسيرات مسيحيات لأرسلناهن إليكم، فالأسيرات المسيحيات في مملكتنا، إما عانقن حريتهن، أو طلبت فيهن فدية أو تم بيعهن… تجدون رفقة هذه الرسالة سواري ذهب، وهذا الذهب من صميم تجارتنا والمجوهرات هي هدايا لكن، ونطلب الإفراج عن واحدة أو اثنتين من الأسيرات المسلمات، وسيكون هذا في مصلحة بلادنا. حرر بمكناس في 12 من شهر رمضان 1158هـ». ورغم أن المؤرخين لم يعترفوا للسلطانة للا فاطمة بصفتها هذه، فقد لعبت دور ممثلة القصر الملكي داخل التراب المغربي وسفيرة لدى دول أخرى.