هو عبد الله أعكاو، ميكانيكي سجن “تزمامارت” والمتنقل بين زنازينها وجدرانها طيلة 17 سنة من الاعتقال، في السجن الأكثر فظاعة في تاريخ المغرب الحديث.
ورغم مرور أكثر من 30 سنة على إغلاق المعتقل والذي ظل وجوده مجهولا لمدة تقارب العشرين عاما، إلا أن شهادات من أجبروا على ارتياده ممن حالفهم القدر على رواية ما عاشوه من فظاعات وانتهاكات، تظهر أن “تازمامارت” كانت الحلقة الأسوء في مسلسل “سنوات الرصاص”.
شهادات يقف عندها المعتقل السابق أعكاو خلال حوار مصور مع موقع “فبراير.كوم”، ينشر كل يوم خميس وإثنين طيلة شهر رمضان، يحكي فيها ما عاينه في المعتقل الذي بُني في قرية نائية جنوب شرقي المغرب بعد المحاولتين الانقلابيتين اللتين شهدتهما المملكة أوائل سبعينيات القرن الماضي.
وفي الحلقة الأولى من مذكرات سجين “تازمامارت”، حكى أعكاو المولود عام 1947، عن طفولته وبداية دراسته بقريته، سيدي بطاش قرب مدينة الرماني ما بين بن سليمان وتمارة، والتي تخللها فقدان الأب وهو في سن 7 سنوات.
وقال المحَاور، إن أمه تكفلت بتربيته مع 3 أخوات، في وضعية فقيرة، ظل معهن في القرية حتى إنهائه الدراسة الابتدائية والتي أخذت منه 12 سنة، نظرا لضعف الإمكانيات التدريسية آنذاك.
وانتقل بعدها أعكاو إلى المدرسة الإعدادية في الرباط لينهيها بعد 4 سنوات، لم يستطع بعدها إكمال دراسته بسبب إمكانيات العائلة الهشة.
وحكى “سجين تزمامارت” عن التحاقه بصفوف القوات المسلحة الملكية، قسم الطيران العسكري، والذي كان حديث العهد وكان جاذبا عكس القوات البرية، وفق تعبيره.
وسرد المتحدث ذاته، نقله إلى القاعدة الجوية في سلا، بعد قبوله شهادته الإعدادية دون مباراة انتقاء، نقل بعدها بسرعة لمراكش في فبراير 1966، بغية التدريب على المبادئ العسكرية، ليعاد إلى قاعدة سلا الأميركية.
وتحدث عن تعلمه الانجليزية في القاعدة الأميركية، ثم انتقاله للولايات المتحدة الامريكية لمدة عام للتدريب على ذخيرة طائرات F5 العسكرية ذات الصنع الأميركي.
اختير بعدئذ، كما يحكي المعتقل السابق، ضمن 5 متدربين ليكونوا ضمن القوات الجوية الملكية،اختصاص الذخيرة، ليلتحق على إثرها بقاعدة القنيطرة والتي كانت عبارة عن مركز قيادة تدريب البحرية الأمريكية.
وأضاف أن ثلث القاعدة كان مخصصا لطائرات F5، حتى مجيء العقيد أمقران (نائب قائد سلاح الجو ومدبر محاولة انقلاب 1973).
وقال أعكاو إن أمقران أصبح متزعم القاعدة حيث حاول إبعاد الأميركيان شيئا فشيئا، لكون أمقران آنذاك، حسب أعكاو، كانت لديه مبادئ سياسية واتصالات مع أحزاب اشتراكية.
وأشار أعكاو أن المخابرات الأميركية كانت في صدام مع أمقران بسبب أفكاره الاشتراكية وقربه من الشيوعيين، (فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفياتي).
ورأى أعكاو أن أمقران عاب عدم استفادة المغرب اقتصاديًا من القاعدة الأميركية على غرار قاعدة روطا بإسبانيا، مشيرا في ذات الصدد أن المغاربة صُعب عليهم الحصول على المنتجات الأميركية، كون العملة السارية آنذاك في القاعدة كانت الدولار.