يبدو أن الدبلوماسية الإسبانية تسعى إلى خفض التوتر الحاصل بينها وبين نظيرتها المغربية، بعد تجاذب بين المملكتين خلال الأسبوعين الماضيين حول ماهية مدينتي سبتة ومليلية السليبتين.
والتقى وزير الخارجية الإسبانية، خوسيه مانويل ألباريس، بمارجريتيس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية للهجرة، والتي كانت تصريحاته ضد المغرب سببا رئيسا في تولد هذا التجاذب.
وذكرت تقارير صحفية اسبانية، أن السبب المعلن للقاء ألباريس وشيناس كان من أجل مناقشة الرئاسة الإسبانية المقبلة لمجلس الاتحاد الأوروبي ومعالجة قضايا مثل الهجرة والتعليم والرقمية.
وأشارت التقارير الإسبانية، أن السبب غير المعلن، يتمثل في عقد الاجتماع في خضم الجدل الذي نشأ عن مذكرة وزارة الخارجية المغربية للاتحاد حول تصريحات شيناس بشأن سبتة ومليلية.
ووصف نائب رئيس المفوضية الأوروبية الاجتماع مع ألباريس بأنه “اجتماع مثمر”، وسلط الضوء على أهمية التعاون في المجالات الرئيسية مثل الهجرة والتعليم والأمن.
وأعرب شيناس عن رغبته في “التقدم في إنشاء تحالفات استراتيجية تعزز الاستقرار والازدهار والفرص لكل من الأوروبيين ومواطني العالم”.
وفي مناسبات متكررة، سبق لشيناس أن تحدث علنًا على أن حدود هاتين المدينتين “معترف بها دوليًا” وتشكل جزءًا من الحدود الجنوبية للاتحاد الاوروبي، وفق تعبيره.
وفي السياق ذاته، خرجت المفوضية الأوروبية للدفاع عن شيناس وتصريحاته الداعمة لـ”إسبانية” سبتة ومليلية.
لكن الجدل دفع الحكومة الإسبانية إلى إرسال مذكرة احتجاج إلى المغرب على الرسالة التي بعثت بها إلى المفوضية الأوروبية والتي أشارت فيها الرباط إلى المدينتين باسم المدينتين المغربيتين.
وأرسلت الحكومة الإسبانية، الأسبوع الماضي، مذكرة شفهية، تتضمن احتاجا إلى المغرب لاعتبار وزارة الخارجية المغربية مدينتي سبتة ومليلية مدينتين مغربيتين في خطاب أرسلته إلى الاتحاد الأوروبي.
وذكرت وكالة أوروبا بريس، بحسب مصادرها الدبلوماسية، أن الحكومة الإسبانية أرسلت مذكرة شفوية إلى المغرب ترفض “بشكل قاطع” اللغة المستخدمة للإشارة إلى “المدن الإسبانية” في الرسالة المرسلة إلى بروكسل.
وأوضحت الحكومة الإسبانية في رسالتها إلى الرباط، أن الحدود الإسبانية، بما في ذلك سبتة ومليلية، معترف بها دوليًا، وفق ذات المصادر.
بالإضافة إلى ذلك، شددت إسبانيا، وفق الرسالة الشفهية، على موقفها من “إسبانية” كلتا المدينتين المتمتعتين بالحكم الذاتي، مؤكدة سيادتها عليها، حسب ما نشرته الوكالة الاعلامية الاسبانية.
ويتجدد هذا “الاحتكاك” الدبلوماسي بين الجارين، حول وضعية المدينتين السليبتين، ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي تدافع فيها إسبانيا عن حيازتها لمدينتي سبتة ومليلية، حتى بعد التوقيع على خارطة الطريق بين المملكتين.
وفي أكتوبر من العام الماضي، أرسلت الحكومة الإسبانية مذكرة شفوية إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإعادة التأكيد على “اللغة الإسبانية” في كلتا المدينتين.
وأكدت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية، أنجيلس مورينو، في ذلك الوقت، أن “سيادة سبتة ومليلية لا جدال فيها”.
وتعتبر الأوساط الإسبانية أن الجانب المغربي “أخل” باتفاقه مع نظيره الإسباني، الذي تحدث عنه رئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانشيز، بعد الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين بالرباط في 2 فبراير، والذي صرح فيه بأن إسبانيا والمغرب وعدتا بتجنب أي عمل يمكن أن يسيء إلى “مجالات سيادة” الطرف الآخر”.
وكانت صحيفة “إل باييس” الإسبانية، كشفت، أن الرباط اعتبرت رسميًا عبر مذكرة وقعها وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة، مبعوثة للاتحاد الأوروبي، أن سبتة ومليلية مدينتان مغربيتان.
وكشفت الصحيفة ذاتها، وفق مصادرها، أن المذكرة المغربية عبارة عن “انتقاد دبلوماسي لنائب رئيس المفوضية الأوروبية المسؤول عن الهجرة، مارغريتيس شيناس، على تكرار اعتباره المدينتين حدودا للاتحاد الأوروبي مع أفريقيا.
وبحسب صحيفة “إل باييس” فقد ذكرت مذكرة الاحتجاج المغربية أن شيناس أصدر عشرات التصريحات المعادية بشأن المغرب ومدينتي سبتة ومليلية المغربيتين.
وأضافت “إل باييس” أن إرسال المذكرة الشفوية تم إرسالها من الرباط إلى المفوضية الأوروبية يوم 17 من هذا الشهر.
وعبرت في مضمونها عن القلق العميق من التصريحات العدائية لشيناس في قمة الأمن والدفاع الأوروبية التي عقدت في بروكسل قبل أسبوع.
واعتبر المسؤول الأوروبي خلال القمة المذكورة، أن المغرب يمارس “التهديد الهجين” المتمثل في استخدامه المهاجرين “أسلحة”، على حد قوله.
وكشف التقرير الإسباني، وفق مصادر “إل باييس” أن الاتحاد الأوروبي “غير راض” عن المذكرة المغربية.
ويشار أن المغرب، عبر مواقفه الرسمية، لم يعلن عن اعترافه بسيادة إسبانيا على المدينتين المحتلتين و عن الجزر المتوسطية المتنازع عليها مع مدريد، ويعتبر هذه المناطق جزءا من ترابه الوطني.