انتصرت عائشة الخطابي، للإنسانية، للسياسة، وانتصرت من أجل النضال، هكذا عنونت ابنة محمد بن عبد الكريم الخطابي رحلتها، التي تأرجحت بين المنفى، وقدرها الذي حتم عليها الخوض في غمار السياسة، ومرافقة أبناء الريف للإفراج عنهم، بعفو ملكي لعله يكون “رحيما”، ينسيها “مرارة الأيام” قبل أن تفارق الحياة، عن عمر يناهز 80 سنة، حيث نالت من عمرها ما ناله سجناء الريف من أحكام ولو ب”القسمة”.
عائشة الخطابي لن تعود، خطفها النسيان موتا، ولم يكن توهجها في عالم النضال على قدر من الكرم، كما أكرم أبوها محمد عبد الكريم الخطابي، الذي ظل راسخا في ذاكرة كل مغربي، يبحث بين ثنايا التاريخ عن مفهوم “النضال” وأبرز تجلياته.
“مرّ الاستقبال بأجواء جيدة، وفرحت كثيراً للقائي بالملك. أحسست أنني قريبة منه وأحببته أكثر ولا أخفي أنني ارتحت كثيراً بعد هذا اللقاء، علما أن هذه ثاني مرة ألتقي فيها الملك محمد السادس، فقد سبق أن استقبلني رفقة شقيقي عندما زار مدينة الحسيمة غداة اعتلائه عرش المملكة”، هكذا كانت كلمات الراحلة أثناء استقبالها من لدن الملك محمد السادس.
“أنا معاهم ومش هسكت”، بداريجة ممزوجة باللهجة المصرية، صرحت الراحلة في لقاء سابق مع “فبراير”، عن تضامنها مع معتقلي الريف، في تجربة عنونتها ولو بمجاز “نكبة بلا أناشيد ولا عنوان”، فحازت لقب “امرأة الظل”، في مرحلة من المراحل.
لم تجد الراحلة عدوا أكثر من صحتها، فأخرجها النسيان والكبر عن سراديب النضال رفقة أبناء الريف، لتثنى عن مقصورة القيادة، الحائل “النسيان” غير رحيم بمن ابتلي به، دفعها قصرا للمغادرة، مغادرة الحياة. بعدما لامست 81 سنة.
رحلت عائشة الخطابي، وفي سجلها الطويل، إرثا ولو بصفحات قليلة، رحلت من كانت تعتبر أن النضال السلمي، هو شفائها، رحلت من غنت على إيقاع “نشيد الريف”، رحلت عائشة ولم يختفي الجميع وراء الكتمان بل كان البوح صادقا، و”إن على استحياء”.