الرئيسية / نبض المجتمع / التحرش الجنسي في الوسط المدرسي.. سلوكات متنامية وآثار مدمرة

التحرش الجنسي في الوسط المدرسي.. سلوكات متنامية وآثار مدمرة

التحرش الجنسي بالوسط الدراسي
نبض المجتمع
لبنى بوشارب 27 سبتمبر 2023 - 23:39
A+ / A-

تعتبر ظاهرة التحرش الجنسي في الوسط المدرسي أمرًا يشغل بال الجميع في المجتمع المغربي اليوم. بحكم أن التعليم هو حجر الزاوية لتنمية الأجيال الصاعدة، ومن ثم فإن ضمان بيئة مدرسية آمنة وصحية يعد أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التعليم وتطوير المجتمع بشكل عام، حيث تعتبر هذه ظاهرة تهديدًا خطيرًا لسلامة ورفاهية التلاميذ.

وقدم التقرير الذي أعده المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من خلال الهيئة الوطنية للتقييم، بشراكة مع اليونيسيف، والذي هم جميع أسلاك التعليم الأساسي، نسبة مهمة في الحالات التي تعرضت للتحرش في هذا الوسط ، لذلك وجب دراسة هذه الظاهرة وفهمها بعمق للتصدي لها بفعالية.

توصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين

وفي هذا الصدد، كشف آخر بحث ميداني أعده المجلس، أن التحرش واسع الانتشار في المؤسسات المدرسية، حيث أظهرت نتائج البحث أن 15.2 في المئة من تلامذة الابتدائي و29.7 في المئة من تلامذة الثانوي أفادوا أنهم تعرضوا للتحرش في مدارسهم، ضمنهم 34 في المئة من الابتدائي و25.4 في المئة من الثانوي أكدوا أن التحرش كان ذا طابع جنسي، كما يعد التلامذة المنتمون للمؤسسات في الوسط الحضري الأكثر احتمالا بالتبليغ عن هذه الأعمال مقارنة مع زملائهم في المؤسسات العموميه وتلك المتواجدة في الوسط القروي.

وأظهرت نتائج البحث كذلك أن 21.2 في المئة من تلامذة الابتدائي و 38.9 في المئة من تلامذة التعليم الثانوي صرحوا أنهم “يعرفون بعض ضحايا التحرش الجنسي، ويعني هذا النوع من العنف الذكور والإناث على حد سواء”.

الآثار النفسية للتحرش

ويمثل التحرش الجنسي في الوسط المدرسي تجريما قاسيا على حياة الضحية، وليس تأثيره مقتصرا فقط على الجسد، بل يمتد إلى البعد النفسي أيضًا، بحيث يمكن أن يتسبب التحرش الجنسي في تكوين آثار نفسية عميقة على الأفراد المتضررين.

وهذا ما أكدته شيماء أبلق، أخصائية نفسية سريرية في تصريح لفبراير.كوم قائبة: “إن التحرش الجنسي داخل الوسط المدرسي له عدة أوجه، على سبيل المثال، هناك تحرش بين التلاميذ فيما بينهم أو تحرش يأتي من قبل أستاذ أو حارس عام أو مدير للتلاميذ. مضيفة أن “هذا التحرش يمكن أن يسبب آثارًا خطيرة، مثل صدمة للضحية وزيادة احتمالية تطوير الاكتئاب أو اضطرابات القلق، في هذه الحالة، يمكن أن تخشى الضحية، سواء كانت ذكرًا أو أنثى، الذهاب إلى المدرسة، مما يؤدي إلى رفض التعليم.”

وأكدت المتحدثة نفسها على أن هذه الظاهرة تؤدي إلى فوبيا من الذهاب إلى المدرسة ورفض التمدرس، وقد شهدت هذه الآثار بنفسها نظرًا لتفاعلها مع الأطفال خلال الأنشطة التي تقوم بها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في حي درب غلف بمدينة الدار البيضاء.

وفيما يتعلق بالإجراءات العلاجية النفسية، أوضحت: “نحن نستقبل الأطفال الذين أصيبوا بالتحرش الجنسي أو الاغتصاب، ونعمل على تقديم الدعم النفسي لمساعدتهم على تجاوز الصدمة وبناء الثقة بأنفسهم. نشجع الأطفال على التعبير عن حالتهم النفسية من خلال الأنشطة مثل الرسم والعلاج الجماعي. نعمل أيضًا مع أولياء الأمور.”

وأشارت إلى ضرورة وجود مساعدين اجتماعيين في المؤسسات التعليمية للكشف عن هذه السلوكيات الضارة، وأهمية وجود قوانين صارمة داخل المدرسة لمنع هذه الأفعال وتنظيم أنشطة توعوية وتحسيسية حول خطورة ظاهرة التحرش الجنسي واستخدام الألفاظ الجنسية بين التلاميذ والتلميذات.

قوانين مكافحة التحرش الجنسي في الوسط المدرسي

ويعتبر التحرش في العديد من الدول والنظم القانونية جريمة ويتم تجريمه بشدة، على غرار المغرب الذي دأب على تجريم هذه الظاهرة، بعقوبات قانونية صارمة تشمل السجن والغرامات.

وقالت بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في تصريح لفبراير.كوم “إن ظاهرة التحرش الجنسي في الوسط المدرسي أصبحت متفشية بشكل كبير داخل المؤسسات التعليمية، حيث يمارسها أطفال قاصرين ضد قاصرات. ويعتبر هذا التحرش فعلاً من أفعال العنف الجنسي، والذي يؤثر سلبًا على ضحاياه، خصوصاً من الناحية النفسية، مما يعيق مسارهم الدراسي ويخلق شعورًا بالأرق والخوف من الآخرين.”

وبالنسبة للمتابعة القانونية أو التنديد بأفعال التحرش الجنسي، أوضحت بشرى عبدو أنه يعتمد على وجود الأدلة لإثبات التحرش، وهذا قد يكون تحديًا، حيث يصعب توفير الأدلة في بعض الحالات، خاصة عندما لا تتوفر كاميرات داخل المؤسسات التعليمية لتثبت التحرش.

وأشارت رئيسة الجمعية إلى أنه يجب تبسيط إجراءات التبليغ، وأن القانون 103.13 يجرم التحرش الجنسي في الأماكن العامة، ولكن السؤال هو إلى أي مدى يمكن التبليغ عن التحرش داخل المدرسة، حيث يحتاج الأمر إلى وجود أدلة.

التبليغ عن حالات التحرش

وفيما يتعلق بتبليغ الأسرة عن حالات التحرش في المدرسة، أشارت ذات المتحدثة إلى أنه في العديد من الحالات يكون ذلك صعبًا، حيث ترفض الأسر المغربية بشكل عام فكرة أن أحد بناتها تعرضت للتحرش، وهذا يرجع إلى عدة أسباب منها غياب التواصل الإيجابي داخل الأسر.

وأوصت بشرى عبدو بضرورة وجود مراكز استماع داخل المؤسسات التعليمية تستقبل التلاميذ والتلميذات، خاصة لأنهم أكثر عرضة للتحرش الجنسي، ويجب تشجيعهم على التبليغ عن حالات التحرش.

وأضافت أنه من المطلوب اليوم التركيز على الاستماع الجيد من قبل أولياء الأمور وإنشاء مراكز استماع يجب أن تتم توجيهها وتأطيرها من قبل جمعيات المجتمع المدني المحايدة. ذلك بهدف توفير بيئة مريحة للتلاميذ للتحدث وكسر حاجز الصمت الذي يرافقهم دائمًا خوف من تسريب أسرارهم عندما يبوحون بها، وتجنب تعرضهم للنظرة السلبية.

وفي هذا السياق أضافت بشرى عبدو، “لا يمكننا التحدث عن مركز استماع يتولاه أستاذ أو حارس عام، بل يمكن أن يكون الوضع أسوأ إذا كان المتحرش هو الشخص نفسه الذي يدير هذا المركز”.

وأكدت المتحدثة عينها في تصريحها ل”فبراير.كوم”، على أهمية دور وزارة التربية والتعليم في تأطير المساعدين الاجتماعيين العاملين في المدارس وتعزيز جهود التوعية بقضايا التحرش الجنسي والعنف الجنسي والتربية على المساواة والمواطنة. وهذا بهدف تأهيل التلميذات والتلاميذ للإبلاغ عن أي تصرفات غير لائقة.

بالنسبة لدور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في توعية الوسط المدرسي بمشكلة التحرش الجنسي، قالت بشرى: “تعمل جمعية التحدي للمساواة والمواطنة منذ سنوات داخل المؤسسات التعليمية، حيث تُعتبر جمعية قريبة من القاعدة. ونحن نعتقد أن التغيير يجب أن ينطلق من هذه الفئات، لأنه لا يمكننا التحدث عن جمعية دون العمل مع القاعدة. لذا، قمنا بتنظيم العديد من اللقاءات التوعوية وحملات التحسيس داخل المؤسسات التعليمية حول مواضيع متعددة.”

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة