أعلنت الحكومة المغربية، عبر الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، عن إطلاق ورش مراجعة القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وذلك ضمن خطة العمل الوطنية للحكومة المنفتحة للفترة 2024-2028.
وتأتي هذه الخطوة استجابة لتوصيات المبادرة الدولية “الشراكة من أجل حكومة منفتحة” (OGP) والرغبة في تحديث الإطار القانوني لتحقيق مزيد من الشفافية والمساءلة.
وكان القانون رقم 31.13، الذي صدر في 2018 ودخل حيز التنفيذ تدريجياً بداية من مارس 2019، أول قانون مستقل في المغرب ينظم حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات العمومية، تأكيدًا على المادة 27 من دستور 2011 التي تضمن هذا الحق. إلا أن تطبيقه واجه عدة تحديات، منها بطء الرد على طلبات الوصول إلى المعلومات، ووجود استثناءات واسعة النطاق تسمح للجهات الحكومية بحجب معلومات متعددة، بالإضافة إلى غياب آليات فعالة للطعن في حالات الرفض.
وقد أبرز تقرير تقييم مستقل، أعدته المبادرة الدولية للحكومة المنفتحة (OGP) برسم سنة 2024، أن القانون الحالي “واعد لكنه يحتاج إلى تعزيز استقلالية اللجنة الوطنية للحق في المعلومات، وتوسيع نطاق المؤسسات الملزمة بتقديم المعلومات لتشمل الهيئات الممولة جزئياً من المال العام”. وأوصى التقرير بتبني مبدأ “الإفصاح المسبق” أو “النشر الاستباقي”، بحيث تكون المعلومات متاحة للجميع دون الحاجة لتقديم طلب رسمي، وهو إجراء يعزز شفافية الإدارة ويحد من الضغط على الجهات المكلفة بالرد.
وتنص التعديلات المقترحة على تقليص مدة الرد على طلبات المعلومات، التي لا تتجاوز حاليا 30 يومًا في القانون، مع إمكانية التمديد في بعض الحالات، وذلك لتسهيل الولوج وتحسين تجربة المواطن. كما يشمل المشروع اعتماد “اختبار المصلحة العامة مقابل الضرر” لتحديد الحالات التي يجوز فيها رفض تقديم المعلومات، ما يضبط الاستثناءات ويحد من استخدامها بشكل تعسفي.
من جهة أخرى، تهدف المراجعة إلى تعزيز استقلالية اللجنة الوطنية للحق في المعلومات، التي تعد الهيئة الرقابية الرئيسية على تنفيذ القانون، وذلك عبر إعادة تشكيلها لتضم تمثيلاً موسعاً للمجتمع المدني وضمان موارد مالية وإدارية مستقلة. ويأتي ذلك استجابة لانشغالات عدة جهات وطنية ودولية، أبرزها صندوق IRM التابع للمبادرة الدولية للحكومة المنفتحة، والذي أبرز الحاجة إلى تقوية آليات الرقابة لضمان التطبيق الفعلي للقانون.
وتسعى الوزارة إلى إشراك مختلف الفاعلين، من مؤسسات حكومية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، في حوار تشاوري حول مشروع التعديلات، حيث فتح المجال أمام العموم لتقديم مقترحاتهم وملاحظاتهم خلال فترة استشارية امتدت حتى مايو 2025. ومن المنتظر أن يتم تقديم النسخة النهائية للقانون المعدل إلى البرلمان في منتصف 2026، ليتم إقراره وتفعيل مقتضياته بشكل كامل.
وتعكس هذه المبادرة رغبة واضحة في الانتقال من نص قانوني نظري إلى آليات عملية فعالة تضمن للمواطنين ممارسة حقهم في الوصول إلى المعلومات، وهو ما يعد حجر الأساس لتعزيز الديمقراطية التشاركية ومحاربة الفساد وتحسين جودة الخدمات العمومية.
يشار إلى أن المغرب التزم ضمن خطة الحكومة المفتوحة 2024-2028 بمجموعة من الأهداف الرامية إلى توسيع مجال الإفصاح وتعزيز حكامة أفضل، وهو ما يجعل مراجعة قانون الحق في المعلومات خطوة مركزية في تحقيق هذه الرؤية.