لليوم الرابع على التوالي، يستمر تبادل الهجمات العنيفة والمدمرة بين بين طهران وتل أبيب، دافعاً منطقة الشرق الأوسط نحو حافة الهاوية، فيما تتعالى الأصوات الدولية الداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار وضبط النفس، خشية اندلاع حرب إقليمية شاملة.
كشفت التطورات الأخيرة عن قدرة إيران على إلحاق أضرار ملموسة بالداخل الإسرائيلي. فبحسب الإعلام العبري، انفجر صاروخ إيراني مباشرة بين ملجأين في مدينة بيتاح تكفا بوسط إسرائيل، مما يعكس دقة نسبية في الاستهداف. وأفادت مراسلتنا بارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين جراء الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير إلى 8 أشخاص، بينما أسفرت ضربات صاروخية باليستية إيرانية أخرى على وسط إسرائيل عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 74 آخرين.
طالت الصواريخ الإيرانية أيضاً أهدافاً حساسة، حيث أصابت محطة كهرباء في حيفا، ما أدى إلى اندلاع حريق وانقطاع واسع للتيار الكهربائي في وسط إسرائيل، بحسب وكالة أنباء فارس. كما ألحق صاروخ باليستي إيراني أضراراً بفرع السفارة الأمريكية في تل أبيب، وأكد السفير الأمريكي في إسرائيل وقوع أضرار طفيفة بمكتب السفارة.
وأشار مصدر أمني إسرائيلي إلى أن إيران بدأت باستخدام صواريخ دقيقة يصعب على منظومات الدفاع الإسرائيلية التصدي لها، وهو ما قد يفسر تداول فيديوهات لمنظومات دفاع إسرائيلية يبدو أنها تقصف نفسها عن طريق الخطأ. وفي تطور لافت، أعلن الجيش الإسرائيلي رصده لصاروخ أُطلق من اليمن، ما يشير إلى احتمال توسع جبهات المواجهة.
في المقابل، لم تتأخر الردود الإسرائيلية. فقد أفاد الجيش الإسرائيلي بشن غارات على مراكز قيادة في إيران تابعة لفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني. وفي ضربة موجعة لطهران، أكد الحرس الثوري الإيراني مقتل رئيس استخباراته محمد كاظمي ونائبه في هذه الغارات الإسرائيلية.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية عن مقتل أكثر من 70 امرأة وطفلاً في ثلاث غارات إسرائيلية استهدفت إيران مؤخراً، وهو ما لم تؤكده أو تنفه إسرائيل رسمياً حتى الآن.
توازى القصف المتبادل مع حرب كلامية ودعائية شرسة. الإعلام الإيراني هلل لمشاهد الدمار في إسرائيل تحت شعار “صباح الخير يا تل أبيب!”. فيما وصفت طهران ممارسات إسرائيل بأن “الوحشية أصبحت عادة” بالنسبة لها. بالمقابل، توعد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن “الديكتاتور المتغطرس في إيران تحول إلى قاتل جبان وسكان طهران سيدفعون الثمن”.
وفي تصريح لافت، قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي إن إسرائيل “لم تضع إسقاط النظام في طهران هدفاً، لكننا نتمنى أن يحصل ذلك”. بينما أثارت الهجمات الإسرائيلية تساؤلات حول ما إذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد تجاوز “عقيدة بيغن” في استراتيجيته تجاه إيران.
على الصعيد الدولي، انتقد المرشح الرئاسي الإيراني مسعود بزشكيان الولايات المتحدة، متهماً إياها بممارسة “البلطجة” ومخالفة القوانين الدولية بالسماح لإسرائيل بالاعتداء. وفي تطور منفصل يعكس حدة التوتر، أعلنت إيران إعدام إسماعيل فكري، الذي وصفته بأنه “جاسوس للموساد” الإسرائيلي، شنقاً.
التصعيد العسكري انعكس مباشرة على أسواق الطاقة العالمية، حيث ارتفعت أسعار النفط بشكل ملحوظ مع تصاعد المواجهة، وسط مخاوف جدية من احتمال إغلاق مضيق هرمز الحيوي. كما اضطرت إيران إلى تمديد إغلاق مجالها الجوي حتى الساعة 13:30 بتوقيت موسكو ليوم 16 يونيو.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن إسرائيل تحث الولايات المتحدة على الانضمام إلى عملية عسكرية ضد إيران. وفيما يخص القدرات الدفاعية، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته البحرية اعترضت بنجاح، وللمرة الأولى، 8 طائرات مسيرة باستخدام تقنية “البرق الواقي” الجديدة.
يبقى الوضع متوتراً وقابلاً للاشتعال في أية لحظة، مع استمرار تبادل الضربات وعدم ظهور أي بوادر للتهدئة رغم المناشدات الدولية، ما ينذر بعواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة برمتها.