في خطوة أثارت تساؤلات حول جدية محاربة الفساد، قررت الحكومة تخفيض ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة بنحو 60 مليون درهم للسنة المالية 2025، لتنتقل من 269 مليون درهم إلى 210 مليون درهم.
يأتي هذا التخفيض في وقت حساس، حيث كشف التقرير السنوي الأخير للهيئة عن فشل جهود مكافحة الفساد في المغرب، مع تسجيل تقدم هزيل بنقطة واحدة فقط خلال عقدين من الزمن، وتراجع في ثلاثة مؤشرات رئيسية.
وأوضح محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة، خلال عرضه أمام لجنة المالية بمجلس النواب، أن التخفيض سيطال أساساً ميزانية الاستثمار التي تراجعت بأكثر من 50 مليون درهم، في حين ارتفعت ميزانية التسيير بخمسة ملايين درهم فقط.
ورغم هذا التقليص، تعتزم الهيئة تبني استراتيجية جديدة تقوم على توسيع التشاور مع مختلف السلطات المعنية في القطاع العام والانفتاح على الأطراف المعنية، في محاولة لتجاوز النواقص التي تعيق تحقيق الأهداف الاستراتيجية لمكافحة الفساد.
وكان رئيس الهيئة قد وصف وضعية المغرب في مجال محاربة الفساد بـ”غير المرضية”، متسائلاً عن أسباب هذا الفشل رغم وجود مخططات حكومية وتشريعات واستراتيجية وطنية أُطلقت منذ عشر سنوات.
ويُظهر المسار المستقبلي للميزانية تذبذباً ملحوظاً، حيث يُتوقع أن ترتفع إلى 256 مليون درهم سنة 2026، ثم تنخفض مجدداً إلى 251 مليون درهم سنة 2027، مما يطرح تساؤلات حول استدامة تمويل برامج مكافحة الفساد.
وسجلت الهيئة في تقريرها عدة معيقات تحول دون تحقيق أهدافها، منها تشتت المشاريع وضعف التنسيق بين المتدخلين، إضافة إلى محدودية الأثر الفعلي لبرامج مكافحة الفساد على النسيج الاقتصادي وحياة المواطنين.
يطرح هذا التخفيض في الميزانية تساؤلات جوهرية حول التناقض بين الخطاب الرسمي الداعي لمحاربة الفساد والإجراءات العملية على أرض الواقع، خاصة في ظل المؤشرات السلبية التي يسجلها المغرب في هذا المجال.