تشهد الأسواق المغربية حالة من التوتر بسبب الزيادات المتتالية في أسعار المواد الأساسية، وعلى رأسها غاز البوتان.
وفقًا لتصريحات كريم الشافعي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، فإن أسعار قنينات غاز البوتان، خاصة ذات الوزن 12 كيلوغرام، ستشهد زيادة سنوية قدرها 10 دراهم حتى عام 2026.
هذه الزيادات تأتي في إطار استراتيجية حكومية تهدف إلى تقليص أعباء دعم هذه المادة الحيوية، التي تعد من بين أهم السلع الأساسية المستهلكة في الحياة اليومية للأسر المغربية.
الشافعي أشار إلى أن هذه الزيادات، رغم محدودية قيمتها المباشرة، تحمل تداعيات أعمق بكثير، حيث يتم تحميل المستهلك النهائي كلفة إضافية تفوق الزيادة الأصلية في الغاز. وأوضح أن أصحاب المخابز، والمقاهي، والمطاعم، الذين يعتمدون بشكل كبير على الغاز في أنشطتهم اليومية، يعمدون إلى رفع أسعار منتجاتهم وخدماتهم بشكل مبالغ فيه. وأضاف أن زيادة بسيطة بمقدار 10 دراهم في سعر قنينة الغاز تُترجم إلى زيادات كبيرة في أسعار الخبز، والمسمن، والمأكولات الأخرى، حيث يتم استغلال الظرف لزيادة الأرباح بشكل يفوق التكاليف الإضافية الحقيقية.
انعكاسات هذا الوضع لا تقتصر فقط على المخابز والمقاهي، بل تمتد إلى قطاعات حيوية أخرى، مثل الزراعة. وأكد الشافعي أن الفلاحين، الذين يستخدمون كميات كبيرة من الغاز في أعمال الري وغيرها من الأنشطة الزراعية، سيتأثرون بشكل مباشر. هذه التكاليف المتزايدة ستنعكس على أسعار المنتجات الفلاحية، مما يضعف القدرة الشرائية للمستهلك ويزيد من حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
كما انتقد الشافعي بشدة عدم تفعيل آليات مراقبة الأسعار وضبط الأسواق بالشكل المطلوب. وقال إن الزيادة في أسعار الغاز ليست المشكلة الأساسية، بل في استغلال بعض الأطراف لهذه الزيادات لرفع الأسعار بشكل غير مبرر. وطالب بتدخل لجان المراقبة لضمان التزام التجار بالأسعار المحددة وعدم التلاعب بالمستهلكين. كما أشار إلى أن هذه المراقبة يجب أن تشمل المواد المدعمة الأخرى، مثل القمح والدقيق، والتي تشهد بدورها تجاوزات كبيرة في الأسعار، رغم الدعم الحكومي الذي يُفترض أن يخفف العبء عن المواطنين.
وفيما يتعلق بالسياسات الحكومية، اعتبر الشافعي أن دعم القمح اللين من خلال الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب على القيمة المضافة خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان وصول هذا الدعم إلى مستحقيه. وأوضح أن الدقيق المدعوم، الذي يُفترض أن يُباع للفئات الفقيرة بسعر معقول، يتم تسويقه بأسعار مرتفعة تفوق السعر المقرر بكثير، مما يطرح تساؤلات حول فعالية آليات التوزيع والرقابة.
مع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد عادة زيادة في معدلات الاستهلاك، حذر الشافعي من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى احتقان اجتماعي واسع النطاق. وأضاف أن الأسر المغربية تواجه تحديات كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وغلاء الفواتير، وتراجع القدرة الشرائية، مما يزيد من حالة التوتر العام في الشارع المغربي. وطالب الحكومة باتخاذ خطوات جريئة وعاجلة لتخفيف العبء عن المواطنين، بما في ذلك مراجعة السياسات المتعلقة بدعم المواد الأساسية، وتعزيز دور لجان المراقبة لضمان استقرار الأسواق.
واختتم الشافعي تصريحه بتوجيه دعوة مفتوحة للحكومة وجميع الجهات المعنية للتنسيق مع الجمعيات الممثلة للمستهلكين، بهدف إيجاد حلول مستدامة توازن بين حماية الفئات الهشة وضمان استقرار السوق. وشدد على أن نجاح هذه الجهود يتطلب التزامًا قويًا من جميع الأطراف، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.