احتضنت جماعة اتفاريتي الحدودية فعاليات الموسم الديني السنوي لزاوية الولي الصالح بلاو في دورته الخامسة عشرة.
هذا الحدث السنوي هو تعبير عميق عن الإمتداد الروحي والوطني الذي يربط القبائل الصحراوية بالعرش العلوي المجيد، فرغم التحديات والمزاعم التي تروجها جهات معادية، مثل جبهة البوليساريو، تحولت هذه الجماعة إلى فضاء جامع للوحدة والتلاحم، حيث اجتمع أبناء القبائل الصحراوية من مختلف الأقاليم، ومن داخل المغرب وخارجه، لتجديد العهد والولاء للعرش والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.

وقد بدأت الفعاليات بقراءة الفاتحة عند ضريح الولي الصالح بلاو، الواقع في منطقة ربيب بلاو، على بعد 18 كيلومترًا شرق مدينة السمارة، تلا ذلك تلاوات قرآنية عطرة وابتهالات دينية، رافقتها مدائح نبوية وقصائد صوفية، تعبيرًا عن التشبث بالهوية الدينية والوطنية التي شكلت دائما أحد أركان الصمود في وجه كل المحاولات الرامية إلى زعزعة استقرار المنطقة.
الزاوية، التي تعد منارة روحية وحصنا وطنيا، لعبت دورا محوريا عبر التاريخ في ترسيخ الهوية المغربية بالصحراء، فلم تكن هذه المؤسسات مجرد فضاءات للتعبد، بل كانت قلاعا منيعة تصد كل محاولات اختراق النسيج الوطني.

خلال هذا الموسم، شدد المشاركون، من حفدة الولي الصالح بلاو ومريدي الطرق الصوفية ووفود القبائل الصحراوية، على الدور التاريخي للزوايا في تعزيز الارتباط الوثيق بين أبناء المنطقة والعرش العلوي المجيد. كما جددوا تشبثهم بالبيعة التاريخية لسلاطين الدولة العلوية الشريفة، في رسالة واضحة تفند كل مزاعم الانفصال والتشكيك.
من قلب تفاريتي، وعلى بعد كيلومترات قليلة من الحدود، تعالت أصوات الشيوخ والشباب، مؤكدين بصوت واحد مغربية الصحراء واستعدادهم اللامشروط للدفاع عن مقدسات الوطن تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس.
وشكل هذا الإجماع التاريخي محطة فارقة، في وجه المناورات الفاشلة، بل ازداد رسوخا مع كل محطة وطنية أو دينية تشهدها هذه الأرض الطيبة، فالصحراويون، بتجديدهم للولاء للعرش، يقدمون دليلا حيا على تمسكهم بانتمائهم الوطني، ويفندون بالواقع كل الدعايات المغرضة.

تفاريتي، التي حاول البعض تصويرها كمنطقة “خارج السيطرة”، خرجت منها رسالة صريحة لا لبس فيها: الصحراء مغربية، وأهلها متجذرون في انتمائهم لوطنهم. هذه الأرض، التي شهدت على مر التاريخ ولاء القبائل الصحراوية للعرش العلوي، تظل شاهدة على الامتداد التاريخي للمغرب في كل شبر من ترابه الوطني. أوهام الانفصال تتهاوى أمام المشاهد الحية التي يجسدها الصحراويون بأنفسهم، مؤكدين أنهم لا يبيعون ولاءهم ولا يفرطون في تاريخهم.
واختتم الموسم بالدعاء الصالح للملك محمد السادس، بالنصر والتمكين، وللمغرب بالأمن والاستقرار، ومع تفرق الوفود العائدة إلى مناطقها، بقيت أصداء هذه التظاهرة الروحية والوطنية شاهدة على تلاحم القبائل الصحراوية مع عمقها المغربي، في رسالة، لا تقبل التأويل، تؤكد أن الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه، ولا صوت يعلو فوق صوت البيعة والولاء.