بعد مرور أربعة أشهر على اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، لا تزال قضيته تراوح مكانها وسط تدهور العلاقات الفرنسية الجزائرية، فمنذ 16 نونبر الماضي، يقبع صنصال (80 عاماً) في السجون الجزائرية بتهمة “المساس بوحدة التراب الوطني” بعد تصريحاته في برنامج “فرونتير” حول التاريخ المغربي للصحراء الشرقية، مما أثار غضب السلطات الجزائرية التي اعتبرته خائناً.
الأمر الذي زاد من تعقيد القضية هو حرمان صنصال من حقه الأساسي في الدفاع القانوني، حيث تم رفض منح محاميه فرانسوا زيمري تأشيرة دخول إلى الجزائر بسبب ديانته اليهودية، وقد واجه زيمري حملة تشويه واسعة ذات طابع معاد للسامية في وسائل الإعلام الجزائرية، وصلت إلى أعلى مستويات السلطة في البلاد.
ورغم الضغوط المتكررة التي مورست على صنصال لتغيير محاميه، إلا أنه رفض ذلك بشدة، مهدداً بالدخول في إضراب عن الطعام.
وفي سياق متصل، انقطعت الأخبار عن صنصال منذ أسابيع، مما زاد من المخاوف بشأن وضعه الصحي، خاصة أنه يعاني من سرطان البروستاتا، وقد أفاد محاميه بأن موكله بدأ يفقد الأمل ويعاني من حالة “اكتئاب”، مشيرا إلى أن السلطات الجزائرية لا تسمح بزيارته سوى لزوجته وبشكل محدود للغاية، مما يزيد من عزلته وتدهور حالته النفسية.
وفي مؤتمر صحفي عقد في مقر دار النشر “غاليمار” بتاريخ 11 مارس، أعلن المحامي فرانسوا زيمري عن تغيير استراتيجيته بعد فشل محاولات التهدئة في تحقيق أي نتيجة، وقال: “بعد قرابة أربعة أشهر من اعتقاله، لا تزال طلباتي للحصول على تأشيرة معلقة دون رد. لم أتمكن من زيارة موكلي، ولم يُسمح لي بدخول مكتب قاضي التحقيق، ولم أتمكن من الاطلاع على التهم الموجهة إليه. وبالتالي، أصبح الدفاع عنه مستحيلاً”.
ومما زاد من تعقيد القضية هو تدخل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشكل مباشر، حيث أعلن أمام غرفتي البرلمان الجزائري “إدانة” صنصال دون محاكمة، واصفاً إياه بـ”اللص مجهول الهوية” و”النذل”، متجاهلا بذلك مبدأ قرينة البراءة والفصل بين السلطات ومتطلبات منصبه كرئيس للجمهورية.
وإزاء هذا الوضع، أعلن زيمري أنه سيبدأ في مخاطبة هيئات الأمم المتحدة وجميع المنظمات التي تشارك فيها الجزائر، بهدف التنديد بالطبيعة التعسفية للاحتجاز والانتهاكات الجسيمة للمعاهدات التي تنص على ضرورة ضمان محاكمة عادلة.
وتتمثل الاستراتيجية الجديدة في اللجوء إلى “الإجراءات الخاصة” للأمم المتحدة، خاصة تلك المتعلقة باستقلال القضاء وحقوق المحامين وضمان الفصل بين السلطات.
وفي السياق ذاته، أكد أنطوان غاليمار، الرئيس التنفيذي لدار النشر “غاليمار”، أن قضية صنصال لا تتعلق فقط بمحاكمته، بل هي “رهينة الأزمة التي تمر بها العلاقات الفرنسية الجزائرية”. وأعلن عن تنظيم مؤتمرات صحفية دورية حتى يتم الإفراج عن الكاتب، بهدف إبقاء القضية في دائرة الاهتمام ومنعها من السقوط في طي النسيان، مؤكداً على أهمية نشر المعلومات الموثوقة لدعم جهود التوعية.